جاء في الحديث: (أنّ الجَفاء والقسوَة في الفدّادين. إلاّ مَنْ أعطى في نَجْدَتِها ورِسلِها) (?) .

فالفدّادون: المكثرون من الإِبل، الذين يملك الواحد منهم المائتين منها. وكانوا أهل خُيلاء وكبر وعجب، واحدهم: فدَّاد. يُروى في الحديث أيضاً: (أن الأرض إذا دفن فيها الرجل، قالت له: ربما مشيت على فدّاداً ذا مالٍ كثيرٍ وخُيلاء) (153) . والنجدة: كثرة شحوم الإبل ولحومها. فإذا كثر ذلك فيها، كان نجدة لها، تمتنع به من النحر، لأن ربَّها إذا رآها كذلك، ضَنَّ بها، وداخلته النفاسة [فيه] (?) والإشفاق فلم ينحرها. قال الشاعر (?) .

(ولا تأخُذ الكومُ الجلادُ رماحَها ... لتوبةَ في صِرِّ الشتاءِ الصَّنابِرِ)

أي: لا يُضَنُّ بها إذا كانت شحومها كالرماح في الدفع عنها. وقال النمر بن (173) تولب (?) :

(أيامَ لم تأخذ إليّ رماحَها ... إبلي لجِلَّتِها ولا أبكارِها)

وقال الفرزدق (?) :

(فمكَّنت سيفي من ذواتِ رماحِها ... غِشَاشاً ولم أَحْفَلْ بكاءَ رِعائِيا)

والرسل: قلة شحومها ولحومها، وهوانها عليه في ذلك (?) . فكأنه قال: إلاّ مَنْ أعطى في سمنها وهُزالها، وفي صعوبة الإعطاء وهوانه عليه.

(ويقال: الرسل اللبن، أي: إلاّ مَنْ أعطى حقَّ الله منها، في وفور شحومها ولحومها، وكثرة لبنها. ولم يذكر الهزال وقلة اللبن، لأن من أعطى النفيس من ماله، كان أجدر أن يُعطي الحقير، فاكتفى به منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015