قال أبو بكر: معناه: بيننا بعد.
والأصل في هذا أن القوم كانوا إذا أشكل عليهم الطريق، فلم يعرفوا مقداره: شَمُّوا تربته، فعرفوا بذلك مقدار قُربِهِ وبُعْدِهِ.
يقال: قد ساف التراب يسوفه / سَوْفاً، وقد استافه [يستافه] ) استيافاً. قال (201 / أ) رؤبة (?) :
(إذا الدليلُ استافَ أخلاقَ الطُرُقْ ... )
أي شمّه وعرف مقداره. وقال امرؤ القيس (?) :
(على لا حِبٍ لا يُهتدَى بمنارِهِ ... إذا سافَهُ العَوْدُ الدِّيافي جَرْجرا)
معناه: إذا شمه البعير المسن ضغا من بعده. وإنما خص البعير المسن، لأنه أعلم بالطريق.
قال أبو بكر: العامة تخطىء في معنى هذا، فتظن أن السوقة أهل الأسواق (624) والمُتبايعون فيها، وليس الأمر عند العرب على ذلك. إنما السوقة عندهم مَنْ لم يكن مَلِكاً، تاجراً كان أو غير تاجر. أنشد علي بن المبارك الأحمر:
(ما كان من سُوقةٍ أسقى على ظَمَإِ ... خمراً بماءٍ إذا ناجودُها بَرَدا)
(من ابن مامةَ كَعبٍ ثم عيّ به ... زوُّ المنيَّةِ إلاّ حِرَّةً وَقَدَى) (?)