ذكر ما نقم على عثمان مفصلًا, والاعتذار عنه بحسب الإمكان:
وذلك أمور: الأول: ما نقموا عليه من عزله جمعًا من الصحابة, منهم أبو موسى عزله عن البصرة وولاها عبد الله بن عامر, ومنهم عمرو بن العاص عزله عن مصر وولاها عبد الله بن سعد بن أبي السرح، وكان ارتد في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- ولحق بالمشركين فأهدر النبي -صلى الله عليه وسلم- دمه بعد الفتح إلى أن أخذ له عثمان الأمان ثم أسلم، ومنهم عمار بن ياسر عزله عن الكوفة، ومنهم المغيرة بن شعبة عزله عن الكوفة أيضا، ومنهم عبد الله بن مسعود عزله عن الكوفة أيضا وأشخصه إلى المدينة.
الثاني: ما ادعوا عليه في الإسراف في بيت المال، وذلك بأمور منها: أن الحكم بن العاص لما رده من الطائف إلى المدينة وقد كان طرده النبي -صلى الله عليه وسلم- وصله من بيت المال بمائة ألف درهم وجعل لابنه الحارث سوق المدينة يأخذ منها عشور ما يباع فيها، ومنها: أنه وهب لمروان خمس أفريقية, ومنها: أن عبد الله بن خالد بن أسد بن أبي العاص بن أمية قدم عليه فوصله بثلاثمائة ألف درهم، ومنها: ما رواه أبو موسى قال: كنت إذا أتيت عمر بالمال والحلية من الذهب والفضة لم يلبث أن يقسمه بين المسلمين حتى لا يبقى منه شيء، فلما ولي عثمان أتيت به فكان يبعث به إلى نسائه وبناته، فلما رأيت ذلك أرسلت دمعي وبكيت، فقال لي: ما يبكيك? فذكرت له صنيعه وصنيع عمر فقال: رحم الله عمر, كان حسنة وأنا حسنة ولكل ما اكتسب قال أبو موسى: إن عمر كان ينزع الدرهم الفرد من الصبي من أولاده فيرده في مال الله ويقسمه بين المسلمين، فأراك قد أعطيت إحدى بناتك مجمرًا من ذهب مكللا باللؤلؤ والياقوت وأعطيت الأخرى درتين لا يعرف كم قيمتهما، فقال: إن عمر عمل برأيه ولا يألو عن الخير، وأنا أعمل برأيي ولا آلو عن الخير؛ وقد أوصاني الله تعالى بذوي قرباي وأنا مستوصٍ بهم أبرهم, ومنها ما قالوا: إنه أنفق أكثر بيت المال في ضياعه ودوره التي اتخذها لنفسه ولأولاده،