سطوته ويحذرون عقوبته، وأما البلد الفلاني فإنهم قد جمعوا من الأموال ما لا تحمله السفن وهم موجهون بها إليك، وأما البلد الفلاني فقد وجدنا بها عابدًا في زاوية من زوايا المسجد ساجدًا يقول في سجوده: "اللهم اغفر لأمير المؤمنين عمر زلته, وارفع درجته" فيقول عمر: أما من خافني فلو أريد بعمر خير لما أخيف منه، وأما الأموال فلبيت مال المسلمين ليس لعمر ولا لآل عمر فيها شيء، وأما الدعاء الذي سمعتم بظهر الغيب فإن ما أرجو أن يعيد الله من بركات الصالحين ودعواتهم علي فيغفر لي.

وعن عروة بن رويم قال: بينما عمر بن الخطاب يتصفح الناس يسألهم عن أمراء أجنادهم إذ مر بأهل حمص فقال: كيف أنتم وكيف أميركم? قالوا: خير أمير يا أمير المؤمنين, إلا أنه قد بنى علية يكون فيها, فكتب كتابًا وأرسل بريدًا وأمره إذا جئت باب عليته فاجمع حطبًا وأحرق باب عليته، فلما قدم جمع حطبًا وأحرق باب العلية، فدخل عليه الناس وذكروا أن ههنا رجلًا يحرق باب عليتك فقال: دعوه فإنه رسول أمير المؤمنين، ثم دخل عليه فناوله الكتاب فلم يضع الكتاب من يده حتى ركب، فلما رآه عمر قال: احبسوه عني في الشمس ثلاثة أيام، فحبس عنه ثلاثة حتى إذا كان بعد ثلاثة قال: يابن قرط ألحقني إلى الحرة -وفيها إبل الصدقة وغنمها- حتى إذا جاء الحرة ألقى عليه ثمرة وقال: انزع ثيابك واتزر بهذه ثم ناوله الدلو فقال: اسق هذه الإبل فلم يفرغ حتى لغب، فقال: يابن قرط متى كان عهدك بهذا? قال: مليا يا أمير المؤمنين، قال: فلهذا بنيت العلية وأشرفت بها على المسلمين والأرملة واليتيم، ارجع إلى عملك ولا تعد. لغب أي: تعب، ومنه: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} مليا أي: زمانًا وحينًا.

وعن إبراهيم أن عمر كان إذا بلغه عن عامله أنه لا يعود المريض ولا يدخل عليه الضعيف نزعه. خرجهما سعيد بن منصور في سننه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015