ذكر وقوفه عند كتاب الله, واقتفائه آثار النبوة وإيثاره لها, وكثرة اتباعه للسنة:
عن ابن عباس قال: استأذن الحر بن قيس بن حصن لعمه عيينة بن حصن على عمر فأذن له، فلما دخل قال: يابن الخطاب والله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى همّ أن يوقع به، فقال له الحر: يا أمير المؤمنين إن الله -عز وجل- قال لنبيه: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} وإن هذا من الجاهلين، فوالله ما جاوزها عمر حتى قرأها عليه, وكان وقافًا عند كتاب الله, خرجه البخاري. وعن عمر قال: سمعني النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا أقول: وأبي, فقال: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم" قال عمر: فأحلف بها ذاكرًا لا آثرًا, أخرجاه.
وعن ابن عمر أنه قيل لعمر وقد أصيب: ألا تستخلف؟ فقال: إن أستخلف, فقد استخلف من هو خير مني -يعني أبا بكر- وإن أترككم فقد ترككم من هو خير مني -يعني رسول الله, صلى الله عليه وسلم- فعرفت حين ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه غير مستخلف، أخرجاه، وخرجه أبو معاوية. وعنه قال: قبّل عمر الحجر ثم قال: أما والله قد علمت أنك حجر, ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك، أخرجاه, وقال النسائي: قبله ثلاثًا وقال البخاري: حجر لا تضر ولا تنفع, ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استلمك ما استلمتك، فاستلمه ثم قال: ما لنا وللرمل؟ إنما كنا رأينا به المشركين وقد أهلكهم الله، ثم قال: شيء صنعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا نحب أن نتركه.
وفي رواية ابن غفلة: أن عمر قبل الحجر وقال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بك حفيًّا أي: معتنيًا، وجمعه: أحفياء.
وعن يعلى بن أمية أنه طاف مع عمر فاستلم الأركان كلها, فقال عمر: أما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- قد طاف بالبيت? قال: نعم, قال: رأيته يستلم