وخلص الْمُسلمُونَ من ذَلِك الشق بِغَيْر مشقة وجازوا على مَدِينَة يُقَال لَهَا بلنياس وَقد انجلى عَنْهَا النَّاس فخيم الْمُسلمُونَ فِيهَا ثمَّ اصبحوا على الرحيل فاعترضهم نهر عريض عميق مَا فِيهِ طَرِيق وَهُوَ مطرد من الْجَبَل إِلَى الْبَحْر وَفِيه قنطرة وَاحِدَة فتنكبها السُّلْطَان بالجحفل وَمضى يَمِينا إِلَى الْجَبَل وَأبْعد حَتَّى عبر فَوق رَأس الْعين واحتاطت العساكر بالنهر من الْجَانِبَيْنِ وتزاحمت الأثقال على القنطرة فَمَا خلصوا تِلْكَ اللَّيْلَة إِلَى آخرهَا وَنزل السُّلْطَان قبل وُصُول الأثقال على بَلْدَة وَهِي بَلْدَة كاسمها بَلْدَة وَهِي بليدَة من غربي النَّهر وعَلى شاطئ الْبَحْر وجانباها الْآخرَانِ خَنْدَق يلتقي فِيهِ البحران وَقد أخلاها أَيْضا أَهلهَا وتفرق شملها
وَأصْبح السُّلْطَان يَوْم الْجُمُعَة ثامن عشر جُمَادَى الأولى على جبلة فتسلمها الْمُسلمُونَ فِي الْوَقْت وَذَلِكَ أَن قاضيها كَانَ قد سبق ودخلها وَقرن بالنجح للْمُسلمين أملهَا فَلَمَّا وصلوا أَعلَى الْأَعْلَام الناصرية على سورها وخلص الْمُسلمُونَ بهَا من مساكنة الْكَفَرَة وتحصن الفرنج بحصنيها واحتموا بقلعتيها فَمَا زَالَ قَاضِي جبلة يخوفهم ويرغبهم حَتَّى اسْتَنْزَلَهُمْ بِشَرْط أَن يسترهنهم إِلَى أَن يردوا من أنطاكية رهائن جبلة من الْمُسلمين فضبط عِنْده جمَاعَة من رُؤُوس الفرنج والمقدمين حَتَّى أعَاد