فَرَحل السُّلْطَان يَوْم الِاثْنَيْنِ رَابِع عشر الشَّهْر وَنزل على مرقية وَقد أخلاها سكانها فخيم فِيهَا أهل الْإِسْلَام وطاب لَهُم فِيهَا الْمقَام وَكَانَت الطَّرِيق إِلَى جبلة على السَّاحِل ضيقَة المسالك صعبة المراحل وَهُنَاكَ للفرنج الاسبتارحصن يُقَال لَهُ المرقب مأهول معمور وَلَا طَرِيق إِلَّا تَحت تله
وَاتفقَ أَن طاغية صقلية لما شجاه مَا تمّ على الفرنج فِي السَّاحِل جهز أسطولا يشْتَمل من الشواني على سِتِّينَ قِطْعَة تحسب كل وَاحِدَة مِنْهَا قلعة أَو تلعة وَقدم عَلَيْهَا طاغية يُقَال لَهُ المرغريط فوصل وَمَا ضرّ وَلَا نفع فَإِن فرنج السَّاحِل مَا رفعوا بِهِ رَأْسا وتضجروا مِنْهُ وَكَانَ فِي عشرَة آلَاف رجل يَحْتَاجُونَ إِلَى ميرة وكلف كَبِيرَة فَصَارَ إِلَى صور ثمَّ رَجَعَ إِلَى طرابلس وَتردد فِي الْبَحْر وتلدد وأبلس واضطرب أشهرا لَا يظْهر لَهُ رَأْي وَلَا يرى لَهُ مظْهرا فَلَمَّا سمع بعبور عَسَاكِر الْمُسلمين على السَّاحِل إِلَى جبلة جَاءَ بالشواني وصفهَا على موازاة الطَّرِيق ومباراة الْمضيق وفيهَا الرُّمَاة فَأمر السُّلْطَان بِنَقْل الجفاتي إِلَى هُنَاكَ وتصفيفها وتكثير ستائرها وأجلس الرُّمَاة من وَرَائِهَا فَمَا زَالَ الْأَمر على ذَلِك وَالرُّمَاة ترمي وتصمي وَعَامة الْمُسلمين فِي سلوك ذَلِك الْمضيق حَتَّى خفت الأثقال وعبرت الْأَحْمَال