رَحمَه الله من عكا وَنزل عَلَيْهَا بِمن كَانَ بَقِي مَعَه من خواصه بعكا فَإِنَّهُ كَانَ قد أعْطى العساكر دستورا وَلَقي فِي طَرِيقه شدَّة من الثَّلج وَالْبرد فَحملت السُّلْطَان مَعَ ذَلِك الحمية على النُّزُول عَلَيْهَا وَأقَام يقاتلها مُدَّة

قَالَ وَفِي تِلْكَ الْمنزلَة وصلت إِلَى خدمته فَإِنِّي كنت قد حججْت سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَكَانَت وقْعَة ابْن الْمُقدم وجرح يَوْم عَرَفَة على عَرَفَة لخلف جرى بَينه وَبَين أَمِير الْحَاج طاشتكين على ضرب الكوس والدبدبة فان أَمِير الْحَاج نَهَاهُ عَن ذَلِك فَلم ينْتَه ابْن الْمُقدم وَكَانَ من أكبر أُمَرَاء الشَّام وَكَانَ كثير الْخَيْر كثير الْغُزَاة فَقدر الله أَنه جرح بِعَرَفَة يَوْم عَرَفَة ثمَّ حمل إِلَى منى مجروحا فَمَاتَ بمنى يَوْم الْخَمِيس يَوْم عيد الله الْأَكْبَر وَصلي عَلَيْهِ فِي مَسْجِد الْخيف فِي بَقِيَّة ذَلِك الْيَوْم وَدفن بالمعلى وَهَذَا من أتم السعادات

وَبلغ ذَلِك السُّلْطَان قدس الله روحه فشق عَلَيْهِ

قَالَ ثمَّ اتّفق لي الْعود من الْحَج على الشَّام لقصد الْقُدس وزيارته وَالْجمع بَين زِيَارَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وزيارة أَبِيه إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فوصلت إِلَى دمشق ثمَّ خرجت إِلَى الْقُدس فَبَلغهُ خبر وصولي فَظن أَنِّي وصلت من جَانب الْموصل فِي حَدِيث فاستحضرني عِنْده وَبَالغ فِي الْإِكْرَام والاحترام وَلما ودعته ذَاهِبًا إِلَى الْقُدس خرج إِلَيّ بعض خواصه وأبلغني تقدمه إِلَيّ بِأَن أَعُود أمثل فِي خدمته عِنْد الْعود من الْقُدس فَظَنَنْت أَنه يوصيني بمهم إِلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015