حرمه وَكَيف عدا على الْحَاج العائذ بِاللَّه وَسَفك دَمه فَكتب محضرا على مَا اقترحه بِعُذْرِهِ فِيمَا اجترحه وألزم أَعْيَان الْحَاج من سَائِر الْبِلَاد بِوَضْع خطوطهم على مَا عينه من المُرَاد فَكَتَبُوا مكرهين غير مشتهين
وَكَانَ عذره أَنه أنكر عَلَيْهِ ضرب الطبل فَأبى
فَلَمَّا انْتَهَت تِلْكَ الْحَالة إِلَى الْخَلِيفَة أنكرها إنكارا شَدِيدا ونسبها إِلَى طيش طاشتكين وَلم يجد لَهُ رَأيا سديدا فَلَا جرم اتضع عِنْده قدره واتضح لَهُ وزره ووهى أمره وَذُخْرهَا لَهُ حَتَّى نكبه بهَا بعد سِنِين وحبسه وَأطَال سجنه ثمَّ عَفا عَنهُ بعد مُدَّة مديدة وَشدَّة شَدِيدَة وولاه حَرْب بِلَاد خوزستان وخراجها وَولى إِمَارَة الْحَاج غَيره
وَلما وصل إِلَى السُّلْطَان خبر استشهاد ابْن الْمُقدم وجماعته لامه على ترك الحزم وإضاعته فاحتسبه عِنْد الله غازيا شَهِيدا ساعيا إِلَى الْجنَّة بقدمه سعيدا وَأقَام ابْنه عز الدّين إِبْرَاهِيم فِي بِلَاده مقَامه وَأقر عَلَيْهِ إنعامه
وَقَالَ مُحَمَّد بن القادسي فِي تَارِيخه ونقلته من خطه أَرَادَ أَمِير الْحَاج بِالشَّام وَهُوَ ابْن الْمُقدم أَن يرفع علما على الْجَبَل بالموقف فَمَنعه أَمِير الْحَاج طاشتكين وَجَرت بَينهمَا مراجعات أفضت إِلَى الْخُصُومَة بَين حَاج الْعرَاق وحاج الشَّام وَنهب الْبَعْض للْبَعْض وَجَرت جراحات فجرح ابْن الْمُقدم وَلم تغير الْعَادة فِي ذَلِك وأفاض النَّاس وَمَات ابْن الْمُقدم بمنى فِي الْيَوْم الثَّانِي ووصلت النجابة من مَكَّة فَأخْبرُوا بِمَا جرى من