قَالَ الْعِمَاد وَكَانَ السُّلْطَان لما فرغ من فتح الْقُدس ودنا موسم الْحَج قَالَ الموفقون نحرم من الْمَسْجِد الْأَقْصَى إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام ونفوز بِالْحَجِّ مَعَ إِدْرَاك فَضِيلَة فتح الْبَيْت الْمُقَدّس فِي هَذَا الْعَام فالحج وَالْجهَاد ركنا الْإِسْلَام
فَاجْتمع جمع جم من أهل ديار بكر والجزيرة وَالشَّام وَسَار بهم الْأَمِير شمس الدّين بن الْمُقدم شيخ أُمَرَاء الْإِسْلَام الْكِرَام فودعه السُّلْطَان على كره من مُفَارقَته واستمهله ليحج فِي السّنة الْأُخْرَى على مرافقته
فَقَالَ مَا مَعْنَاهُ إِن الْعُمر قد فرغ والأمد قد بلغ والشيب قد أنذر وَالْفَرْض قد أعذر فأغتنم فرْصَة الْإِمْكَان قبل أَن يتَعَذَّر
فَمضى والسعادة تقوده وَالشَّهَادَة تروده حَتَّى وصل إِلَى عَرَفَات وَمَا عرف الْآفَات وشاع وُصُوله وراع قبُوله وَضربت طبوله وسالت سيوله وجالت خيوله وَضربت خيامه وخفقت أَعْلَامه فَلَمَّا أَصْبحُوا نقرت على الْعَادة نقاراته ونعرت بوقاته فغاظ ذَلِك أَمِير الْحَاج الْعِرَاقِيّ فَركب إِلَيْهِ فِي أحزابه فأوقع بِهِ وبأصحابه وأبلاهم بجراحه ونهابه وَجرى حكم الله الَّذِي كَانَ ضرب الطبل أوكد أَسبَابه وَقتل جمَاعَة من حَاج الشَّام وجرحوا وهتكت أستارهم وافتضحوا
وَنقل أَمِير الْحَاج طاشتكين شمس الدّين بن الْمُقدم إِلَى خيمته وَهُوَ مَجْرُوح وَفِيه روح وَحمله مَعَه إِلَى منى فَقضى وَدفن بالمعلى وَتمّ ذَلِك بِقَضَاء الله وَقدره فِي تقلب حوادث الدَّهْر وَغَيره وارتاع أَمِير الْحَاج بِمَا اجترمه وَكَيف لم يراقب الله وَأحل