قلت ووقفت على كتاب كتبه الصاحب قوام الدّين بن زِيَادَة من الدِّيوَان الْعَزِيز بِبَغْدَاد إِلَى السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَكَانَ قوام الدّين يَوْمئِذٍ أستاذ الدَّار العزيزة يَقُول فِيهِ لَوْلَا مَكَان صَلَاح الدّين من الْخدمَة وَالشح بِهِ والمنافسة فِيهِ لما جَوْهَر بالعتاب وَلَا رفع دونه هَذَا الْحجاب بل كَانَ يتْرك مَعَه الْأَمر على اختلاله ويدمل الْجرْح على اعتلاله وَقد ذكرت الْأَسْبَاب الَّتِي أَخذهَا الدِّيوَان الْعَزِيز عَلَيْهِ واستغرب وُقُوعهَا من كَمَاله ليرعيها سَمعه الْكَرِيم ويستوري فِيهَا رَأْيه الْأَصِيل وينصف فِي استماعها والإجابة عَنْهَا غير عائج على الجدل وَلَا مؤتم بالمراء المذمومين عقلا وَشرعا بل يحمل قولي هَذَا على سَبِيل المماحضة والانتصاح وَصدق النِّيَّة فِي رأب الثأي والإصلاح فَإِن إبجار الدَّوَاء الْمقر لَا يتهم فِيهِ الطَّبِيب المجتلب للعافية
ثمَّ ذكر من تِلْكَ الْأُمُور ان من انتقى من الْعرَاق بِسَبَب من الْأَسْبَاب لَجأ إِلَى صَلَاح الدّين فَوجدَ عِنْده الإقبال عَلَيْهِ وَكَانَ الْأَدَب يُوجب إبعاد من أبعده عَنهُ وتقريب من قربه إِلَيْهِ
ثمَّ قَالَ وَإِن مِمَّا أضْحك ثغر الاستعبار مَا انْتهى عَن الْعَوام وَأَشْبَاه الْأَنْعَام وطغام الشَّام من الْخَوْض فِي الْمذَاهب والانتهاء فِي التشنيع إِلَى اخْتِلَاق كل قَول كَاذِب وَمِنْهَا مَا جرى من سيف الْإِسْلَام بالحجاز من إزعاج الْحجَّاج وإرهاج تِلْكَ الفجاج والإقدام على مَنَاسِك الله وشعائره وَإِيقَاد سعير الْفِتْنَة فِيهَا ونوائره واحتذاء السِّيرَة القاسطة وإحياء بدع القرامطة مَا