وللبرهان القيراطي (?) في هذا الباب، ما يحير عقول ذوي الألباب ويكاد أن يهزأ رقة بماء السحاب. وهو:
لله ليل كالنهار قطعته ... بالوصل لا أخشى به ما يرهب
وركبت منه إلى التصابي ادهما ... من قبل أن يبدو الصباح الأشهب
أيام لا ماء الخدود يشوبه ... كدر العذار ولا عذاري أشيب
كم في مجال اللهو لي من جولة ... أضحت ترقص بالسماع وتطرب
وأقمت للندمان سوق خلاعة ... تحيى المجون إلي فيه وتجلب
وذكرت في عليا دمشق معهدا ... أم الزمان بمثله لا تنجب
قوم بحسن صفاتهم وفعالهم ... قد جاء يعتذر الزمان المذنب
اشتاق في وادي دمشق معهدا ... كل الجمال إلى حماه ينسب
ما فيه إلا روضة أو جوسق ... أو جدول أو بلبل أو ربرب
وكأن ذاك النهر فيه معصم ... بيد النسيم منقش ومكتب
وإذا تكسر ماؤه أبصرته ... في الحال بين رياضه يتشعب
وشدت على العيدان ورق أطربت ... فغناؤها من غاب عنه المطرب
والورق تشدو والنسيم مشبب ... والنهر يسقى والجداول تشرب
وحلت لقلبي من عسال جنة ... فيها لأرباب الخلاعة ملعب
ولكم طربت على السماع بجنكها ... وغدا بربوتها اللسان يشبب