مرصعة بفاخر الدر والياقوت والزبرجد، لم تر العين مثلها بولغ في تحسينها من أجل دار المملكة وأنه لا ينبغي أن يكون بموضع آلة جمال إلا ما يكون فيها وكانت توضع على مذبح كنيسة طليطلة فأصابها المسلمون هناك، وقصة إيصالها إلى سليمان بن عبد الملك، ومنازعة موسى بن نصير وطارق مولاه في رجلها مشهورة.
قال ابن حيان: مضى طارق خلف فرار أهل طليطلة فسلك إلى وادي الحجارة ثم استقبل الجبل فقطعه، فبلغ مدينة المائدة، والمائدة خضراء من زبرجد، حافاتها منها وأرجلها، وكان لها ثلثمائة وخمسة وستون رجلاً، فأحرزها عنده.
وبطليطلة (?) بساتين محدقة وأنهار مخترقة ودواليب دائرة وجنّات يانعة وفواكه عديمة المثال ولها من جميع جهاتها أقاليم وقلاع منيعة، وعلى بعد منها في جهة الشمال الجبل العظيم المعروف بالشارات، فيه من الغنم والبقر الشيء الكثير الذي يتجهز به الجلابون إلى سائر البلاد، ولا يوجد شيء من أبقاره وأغنامه إلا في غاية السمن، ولا يوجد مهزولاً البتة، ويضرب بها المثل في ذلك في جميع الأقطار بالأندلس، وعلى مقربة من طليطلة قرية تسمى بمغام في (?) جبالها وترابها الطين المأكول يتجهز به إلى مصر والشام والعراق، ليس على قرار الأرض مثله في لذة أكله وتنظيف غسل الشعر به، وفي جبال طليطلة معادن الحديد والنحاس.
وزعموا أن (?) معنى طليطلة باللطيني " تولاطو " - معناه " فرح ساكنها " يريدون لحصانتها ومنعتها، وفي كتب الحدثان كان يقال: طليطلة الأطلال، بنيت على الهرج والقتال، إذا وادعوا الشرك، لم يقم لهم سوقة ولا ملك، على يد أهلها يظهر الفساد، ويخرج الناس من تلك البلاد. ومدينة طليطلة قاعدة القوط ودار مملكتهم، ومنها كانوا يغزون عدوهم، وإليها كان يجتمع جيوشهم، وهي إحدى القواعد الأربع، إلا أنها أقدمهن، ألفتها القياصرة مبنية، وهي أول الإقليم الخامس من السبعة الأقاليم التي هي ربع معمور الأرض، وإليها انتهى حدّ الأندلس، ويبتدئ بعدها الذكر للأندلس الأقصى، أوفت على نهر تاجُه، وبها كانت القنطرة التي يعجز الواصفون عن وصفها، وكان خرابها في أيام الإمام محمد. ومن خواص طليطلة أن حنطتها لا تسوس على مَرِّ السنين، يتوارثها الخلف عن السلف، وزعفران طليطلة هو الذي يعم البلاد ويتجهز به إلى الآفاق، وكذلك الصمغ السماوي (?) .
وأول من نزل (?) طليطلة من ملوك الأندلس لوبيان وهو الذي بنى مدينة رقوبل (?) ، وهي على مقربة من طليطلة وسماها باسم ولده: ومنها ولى الأساقفة على الكور، وبها مجتمعهم للمشورة، وكان عددهم ثمانين أسقفاً لثمانين مدينة من حوز الأندلس كجليقية، وطركونة وقرطاجنة، وكانت قبل ولايته فرقاً، فائتلف أمر الناس وانقطع الاختلاف وأحبه الخاص والعام، وهو الذي بنى الكنائس الجليلة والمعالم الرفيعة، وبنى الكنيسة المعروفة بالمردقه (?) واسمه مزبور على بابها، وهي بين حاضرة البيرة ووادي آش.
وبطليطلة ألفيت ذخائر الملوك، وعلى مقربة من طليطلة قرية قنبرشه (?) وهي حارتان فيهما عينا ماء، إذا نضبت إحداهما جرت الأخرى، هذا دأبهما كل عام، ماؤهما متعاقب لا يجري في زمان واحد، وغربيها على نحو عشرين ميلاً منها تمثالان عظيمان على صورة ثورين قد نحتا من حجر صلد وذكر بعض المؤرخين أن طارقاً لما غزا طليطلة اعترض جنده وهو راكب أحدهما.
قالوا: لما مضى طارق بن زياد إلى طليطلة دار مملكة القوط، ألفاها خالية قد فرَّ أهلها عنها، فضمَّ إليها اليهود، وخلى بها رجالاً من أصحابه ومضى خلف فرَّار أهل طليطلة، فسلك إلى وادي الحجارة، ومنه اقتحم أرض جليقية فخرقها ودوخ الجهة ثم انصرف إلى طليطلة وذلك سنة ثلاث وتسعين من الهجرة.
وفي سنة خمسين وأربعمائة نتجت بغلة بطليطلة (?) فلواً في