عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى بن أبي نصر المعروف بابن الصلاح، له تصنيف في علوم الحديث مفيد جداً، توفي بدمشق سنة ثلاثين وستمائة.
وبشهرزور توفي الإسكندر بعد أن غزا الهند ومشارق الأرض وقتل ملوكها ودانت له عامة البلاد وانتهى إلى البحر المحيط، فهال ذلك ملوك غرب الأرض، فوفدت عليه رسلها بالانقياد والطاعة، وقيل سمه بعض خدمه بأرض بابل فحمل إلى الإسكندرية في تابوت من ذهب، وكان ملكه اثنتي عشرة سنة، وقيل أربع عشرة سنة، عاش منها بعد قتل دارا خمس سنين، وكان عمره ستاً وثلاثين سنة باتفاق، وعرض الإسكندر جنده بعد أن غلب على ملك الفرس فوجدهم ألف ألف وأربعمائة ألف مقاتل، ودخل الظلمات مما يلي القطب الشمالي في أربعمائة رجل من أصحابه يطلب عين الحياة، فسار فيها ثمانية عشر يوماً وبنى اثنتي عشرة مدينة منها هراة ومرو وسمرقند وأصبهان.
وشهرزور مشهورة بالعقارب، ولذلك قال ابن الرومي في قينة:
فقرطها بعقرب شهرزور ... إذا غنت وطوقها بأفعى
إحدى مدن اصبهان، وهي اثنتا عشرة مدينة، وهذه من مشاهيرها.
بالأندلس من كور جيان، وهي قرية تعرف بغدير الزيت لكثرة زيتونها، وهي كثيرة المياه والبساتين، كثيرة السقي، بها جامع من ثلاث بلاطات على أعمدة رخام، وسوق حافلة يوم الثلاثاء.
قال اليعقوبي: هي مدينة عظيمة من كور الجبل قديمة بين جبال وشعاب، وهي أشبه المدن بمكة شرفها الله تعالى، وفيها عيون.
وقال غيره (?) : على القرب من مدينة الدينور مدينة الصيمرة والشيروان، وهما مدينتان نظيفتان جيدتا المباني، مبانيهما جص وآجر كمدينة الموصل، وهما كثيرتا المياه سائحة في دورهم مطردة في منازلهم، وكثيرتا الأشجار والزروع.
جزيرة بقرب ساحل وادي القرى تضيق هناك الشعاب والجزائر، فيرصد أهل السفينة فتور الماء في أول المد وفي آخر الجزر وقبل طغيان الماء وشدته، ويدخلون موضعاً يسمى بالزنقة بين تلك الجبال والشعاب، تسير السفينة فيه نحو خمسين ميلاً، وهي أكثر من ثلاثمائة جزيرة، ولا يسلك هذا الموضع إلا من عرفه، وهذه الجزائر أكثر بلاد الله تعالى سمكاً وأطيبه، وفيها يكون الحوت المسمى السفن، فإذا انتهت السفينة آخر هذه الشعاب وصلت إلى مضيق كالذي دخلت منه، يسمى أيضاً بزنقة، فإن كانت السفينة كبيرة بقي أهلها هناك إلى فيض الماء وزيادته في رؤوس الأهلة فيجوزون ذلك الموضع حتى تخرج من هذا المضيق.
مدينة بأرض فارس، وهي مدينتها العظمى ودار مملكة فارس، وينزلها الولاة والعمال، وبها الديوان والمجبى، وهي مدينة إسلامية بناها محمد بن القاسم بن أبي عقيل ابن عم الحجاج.
وتفسير شيراز: جوف الأسد، سميت بذلك لأنها تجلب إليها الميرة من سائر البلاد، ولا تخرج منها الميرة البتة. ولما وصل عسكر الإسلام إلى فارس عرس العسكر بمكانها وأقام به حتى افتتحت اصطخر وجميع كورها، فتبرك المسلمون بذلك وبنوا شيراز بذلك المكان.
وهي مدينة جليلة المقدار حسنة النواحي طولها نحو من ثلاثة أميال، وهي متصلة البناء لا سور لها ولا أسواق ولا عمارة، وهي قرارة الجيوش وأولي الحرب والدواوين والجبايات، وشرب أهلها من الآبار.
وليس فيها منزل إلا ولصاحبه فيه جميع الثمار والرياحين والبقول وكل ما يكون في البساتين، وقيل: كل شرب أهلها من عيون