بمنزل أندوجر، ولما كان صاحب قشتالة أقرب من تعينت حربه داراً وأكثرهم مهما استطاع اضراراً (?) كان أولى من نوينا ووجب تقديم غزوه علينا، وكان المعقل المعروف بشلبطرة قد علقت به حبائل الصلبان، وضج من ناقوسه ما في جهاته الأربع من التكبير والأذان، مرقب الدو، وعقاب الجو، العلم المطل على الأعلام، والنكتة السوداء التي بقيت في بساط الإسلام، والخبأة الطلعة، الذي لا حال للمسلمين معه، قد جعلته النصرانية إلى كل غاية جناحاً، وأعدته إلى أبواب المعاقل والمدائن مفتاحاً، فاستخرنا الله تعالى على منازلته وقلنا هو يمين صاحب قشتالة إن قطعت قعد مقعد الذليل، ومظنة غيرة إن لم يتحرك لها، فقد قام على ضعفه أوضح دليل، ونحن في ذلك نبرأ من القوة والحول، ونتوكل على الله ذي الفضل والطول، فقبل النزول من السروج ووضع المهند والوشيج حباهم الله (?) بكل ضرب وجيع، وموت وحي سريع، وملكوا عليهم أرباضهم وكانت من الذروة إلى البطحاء، فأضرموها ناراً من جميع الأنحاء، ونسخوا فيها آية النهار بالظلماء، فألقوا يد الاستسلام، وذلوا لعزة الإسلام، ورغبوا في أمد يقيمون فيه الحجة على صاحبهم، فأذنا لرسلهم في التوجه إليه، لعلمنا أن ذلك أشد من وقع السيوف عليه، فحين إذ وافته رسلهم اعترف لهم بالصغار، وقلة القوة على الانتصار، وفارقوه على تسليم الدار، لمن له عقبى الدار، فنبذنا إليهم بأنفسهم احتقاراً، وساروا إلى قومهم يحملون هموماً طوالاً وآمالاً قصاراً، وعلى أثرهم طهر الله تعالى المعقل من الأدران، ورقيت أعاليه ألوية الإيمان، وبدل الله عز وجل فيه الناقوس بالأذان، وحولنا كنيسته مسجداً ومنبراً على تقوى من الله ورضوان.
وقيل شماصير بالألف بدل النون، جبل ململم من جبال تهامة لم يعله قط أحد ولا درى ما على ذروته، وبأعلاه القرود، والمياه حواليه ينابيع تنساب، وبطرفه قرية يقال لها رهاط، وبغربيه قرية يقال لها الحديبية ليست بالكبيرة، وهذه القريات لسعد ومسروح، وفي سعد هذه نشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن الحديبية إلى المدينة تسع مراحل، وإلى مكة مرحلة، وأصحاب الحديث يقولون: الحديبية بئر، وهناك مسجد الشجرة.
مدينة في أرمينية، وهي أول حدود أرمينية، وهي على الفرات، ومنها إلى ملطية أحد وخمسون ميلاً.
وشمشاط مدينة رومية كبيرة بها يكون والي ثغور الجزيرة، ومنها تخرج جيوش المسلمين إلى بلاد الروم، وهي على تخوم أرمينية وفيها قبر صفوان بن المعطل السلمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبين شمشاط (?) وحصن زياد شجرة لا يعرف أحد ما هي ولا يدرى لها نظير، لها حمل شبيه اللوز إلا أنه يؤكل بقشره، وهو أحلى من الشهد.
ولما جمع عثمان بن عفان لمعاوية رضي الله عنهما الشام والجزيرة وثغورها، أمره أن يغزو شمشاط، فوجه إليها حبيب بن مسلمة الفهري وصفوان بن المعطل، ففتحاها بعد أيام من نزولهما عليها صلحاً على مثل صلح الرها، فأقام بها صفوان وبها توفي في آخر خلافة معاوية رضي الله عنه، ويقال: إن معاوية غزاها بنفسه، ولم تزل شمشاط خراجية حتى صيرها المتوكل على الله عشرية أسوة غيرها من الثغور، ومبلغ مجبى شمشاط وما ينضاف إليها سبعمائة ألف وخمسة عشر ألف درهم.
وبشمشاط (?) قلعة حصينة تحتف بها جبال فيها الجوز والكروم وسائر الثمار.
بالعراق، كان المعتصم (?) خرج من بغداد يرتاد موضعاً لمدينة يبنيها فمر بالشماسية، وهي خارج بغداد فضاقت عليه ولم يرضها حتى أتى موضع سر من رأى فأرضاه، فابتدأ بناءها.
وفي خبر أن مهدي بن علوان الشاري (?) كان خرج على المأمون أو على أبيه وانتهت خيله إلى الشماسية بالعراق، وأما البردان وقطربل ومسكن وما والاهما فكانت بها منازله، قال الفضل بن مروان: في سنة ست ومائتين أتى المأمون بمهدي الشاري أسيراً