مالاً عظيماً، وكتبت إلى من يليني وأهديت له وسألته أن يكتب إلى من وراءه، وزودته لكل ملك هدية، ففعل ذلك بكل ملك بينه وبينه حتى انتهى إليه، فلما انتهى إلى الملك الذي السد في ظهر أرضه كتب له إلى عامله على ذلك البلد فأتاه فبعث معه بازياره ومعه عقابه، فذكر أنه أحسن إلى البازيار، قال: فشكر لي البازيار، فلما انتهينا إذا جبلان بينهما سد مسدود حتى ارتفع على الجبلين بعدما استوى بهما، وإذا دون السد خندق أشد سواداً من الليل لبعده، فنظرت إلى ذلك كله وتفرست فيه ثم ذهبت لأنصرف، فقال لي البازيار: على رسلك أكافئك، إنه لا يلي ملك بعد ملك إلا تقرب إلى الله تعالى بأفضل ما عنده من الدنيا فيرمي به في هذا اللهب، فشرح بضعة لحم معه وألقاها في ذلك الهوي وانقضت عليها العقاب، فقال: إن أدركتها قبل أن تقع فلا شيء وإن لم تدركها حتى تقع فذلك شيء، فخرجت علينا باللحم (?) في مخالبها، وإذا فيها ياقوتة فأعطانيها وهي هذه، فتناولها منه شهربراز حمراء فناولها عبد الرحمن فنظر إليها ثم ردها إليه، فقال شهربراز: لهذه خير من هذا البلد، يعني الباب، وأيم الله لأنتم أحب إلي ملكة من آل كسرى، ولو كنت في سلطانهم ثم بلغهم خبرها لانتزعوها مني، وأيم الله لا يقوم لكم شيء ما وفيتم أو وفى لكم ملككم الأكبر. فأقبل عبد الرحمن على الرسول وقال له: ما حال الردم وما يشبهه؟ فقال: هذا الثوب الذي على هذا الرجل، وأشار إلى مطر بن ثلج وكان عليه قباء برود يمنة أرضه حمراء ووشيه أسود أو وشيه أحمر وأرضه سواد، فقال مطر: صدق والله الرجل، لقد نفذ ورأى، قال عبد الرحمن: أجل ووصف صفة الحديد والصفر وقرأ: " آتوني زبر الحديد " إلى آخر الآية. وقال عبد الرحمن لشهربراز: كم كانت هديتك؟ قال: قيمة مائة ألف في بلادي هذه، وثلاثة آلاف ألف وأكثر في تلك البلدان.

وذكر ابن عفير أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، أرسل خمسة وعشرين رجلاً إلى سد يأجوج ومأجوج ينظرون كيف هو، وكتب إلى ملك الخزر أن يجوزهم إلى من خلفه، وأهدى إليهم هدايا، ففعل حتى انتهوا إلى الجبلين فرأوا بينهما مثل البصيص وهو بريق الصفر في الحديد وسمعوا جلبة من داخل السور ورأوا درجاً يرقى فيه إلى أعلاه، فصعد فيه رجل منهم، فلما بلغ وسطه تحير فسقط فمات، وانصرفوا بقطعة مسحاة وجدوها عند السد، فأرسل معاوية رضي الله عنه إلى رجل عالم فسأله فقال: يرسل ملك جنده إلى السد، فيهلك واحد منهم ويأتون بحديد ويجمعهم على مائدة فيها طعام، فوافى العالم وهم على تلك المائدة قد جمعهم عليها معاوية رضي الله عنه وخلطهم بغيرهم، فقال هؤلاء هم، فعجب معاوية رضي الله عنه من ذلك.

وقال ابن خرداذبه (?) : حدثني سلام الترجمان، وكان هو الذي يترجم كتب الترك التي كانت ترد على الواثق قال: لما رأى الواثق في المنام كأن السد الذي بناه ذو القرنين مفتوح وجهني وضم إلي خمسين رجلاً وقال لي: عاينه وجئني بخبره، ووصلني بخمسة آلاف دينار وعشرة آلاف درهم وأعطى كل رجل من الخمسين ألف درهم ورزق سنة وأعطاني مائتي بغل أحمل عليها الزاد والماء وكتب إلى إسحاق بن إسماعيل صاحب أرمينية وهو بتفليس في انفاذنا، فشخصنا إليه من سر من رأى، فكتب إسحاق إلى صاحب السرير، وكتب لنا صاحب السرير إلى بلد اللان، وكتب ملك اللان إلى فيلان شاه وهو ملك ما يلي الباب والأبواب من خارج، وكتب فيلان شاه إلى طرخان ملك الخزر، فوجه معنا ملك الخزر خمسة أدلاء، وسرنا من عنده خمسة وعشرين يوماً حتى انتهينا إلى أرض سوداء منتنة الرائحة، وكنا قد تحملنا شيئاً نشمه ونحجب به نتن ريحها عند دخولها، فسرنا نحو عشرة أيام حتى أفضينا إلى مدن خراب، فسألنا عنها فأخبرنا أن يأجوج ومأجوج خربوها، فسرنا فيها سبعة وعشرين يوماً حتى أفضينا إلى حصن يقرب من الجبل الذي هو أحد الصدفين، تتصل به حصون فيها قوم يتكلمون بالعربية والفارسية مسلمون يقرأون القرآن ولهم مساجد، فسألونا من أين أقبلنا، فأخبرناهم أنا رسل أمير المؤمنين، فجعلوا يتعجبون ويقولون: أمير المؤمنين؟! فنقول: نعم، فيقولون: أشيخ هو أم شاب؟ فقلنا: شاب، فعجبوا أيضاً وقالوا: أين يكون؟ قلنا: بالعراق في مدينة يقال لها سر من رأى، فيقولون: ما سمعنا بهذا قط (?) ، ثم سرنا إلى جبل أملس يكاد البصر ينبو عنه، وإذا جبل مقطوع عرضه مقدار مائة وخمسين ذراعاً، وإذا عضادتان مبنيتان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015