العدل.. ") . وحسناً فعل الأستاذ رتزيتانو لو أنه استشهد هنا بما جاء في هذه العبارة من قوله " رحمة الله عليه "، فإنها تشير إلى عمل الناسخ لا إلى عمل المؤلف.
أين نقف بعد ذلك من هذا كله؟
1 - لدينا كتاب اسمه " الروض المعطار في خبر الأقطار " وتتفق النسخ المتباعدة - مكاناً وزماناً - على أن مؤلفه هو " أبو عبد الله محمد بن محمد بن أبي عبد الله محمد بن أبي محمد عبد الله بن عبد المنعم بن عبد النور الحميري "، وعلى هذا الكتاب يعتمد القلقشندي، فلابد أن يكون مؤلف هذا الكتاب ممن عاش قبل مطلع القرن التاسع (في أقل تقدير) .
2 - إن ذكر حاجي خليفة له مرتين يعني اطلع على نسختين: إحداهما ذكرت اسمه كاملاً والأخرى اسمه مؤخراً، ولما كان حاجي خليفة - وهو منسق ببليوغرافي - غير مسؤول عن تحقيق الفرق بين الاسمين، فإثباته ما أثبته أمانة دقيقة منه في عمله.
3 - ذكر حاجي خليفة سنة 900 تاريخاً لوفاة المؤلف، وقد حاول غودفري - ديمومبين أن يقول إن هذا خطأ شائع في المخطوطات العربية بين " تسعمائة " و " سبعمائة " ووافقه على ذلك الأستاذ رتزيتانو (?) ؛ ولكن الحقيقة أن عام " سبعمائة " لا يصلح لتقرير سنة وفاة المؤلف، " إذن " فإن الراجح أن حاجي خليفة اطلع على نسخة من الروض كتبت سنة 900، ثم اضطرب عليه الأمر فظنها سنة وفاة المؤلف، وهذا غير عجيب عند حاجي خليفة، فقد قال عند ذكر الإمتاع والمؤانسة إن التوحيدي توفي سنة 380 وقال حين ذكر المقابسات " المتوفى بعد سنة أربعمائة تقريباً "، فأيهما نصدق؟ إذن فإن الأخذ الحرفي بما يقوله حاجي خليفة أمر مضلل، دون ريب.
من هو مؤلف الروض المعطار إذن؟ كل الدلائل ترجح أنه هو الذي وجد بروفنسال نفسه ترجمته في " الإحاطة " - ووجدها رتزيناتو في الدرة الكامنة لابن حجر، وهو ينقل عن الإحاطة - وهذا ما يقوله لسان الدين ابن الخطيب عنه (?) :
" محمد بن عبد المنعم الصنهاجي الحميري، يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن عبد المنعم، من أهل سبتة الأستاذ الحافظ.