وقد فهم بروفنسال من هذه العبارة أن المؤلف قد انتهى من تأليف كتابه سنة 866، وهذا يقوي القول بأن يكون تاريخ وفاته سنة 900 صحيحاً. وهذه الحقائق مجتمعة دفعت بروفنسال إلى افتراض مؤلفين كل منهما ينتسب إلى حمير قام أولهما بكتابة صورة أولى من " الروض المعطار " وقام الثاني بانتحال عمل الأول، وربما أضاف إليه شيئاً، دون أن يذكر ما للمؤلف الأول من فضل عليه.

وعند مناقشة الحقائق التي واجهت بروفنسال لا تبقى هناك حاجة إلى هذا الفرض الذي وضعه:

1 - أما أن صاحب صبح الأعشى ينقل عن الروض المعطار، فتلك حقيقة لا نستطيع إنكارها، وهي وحدها تثبت أن المؤلف لا يمكن أن يكون قد عاش حتى سنة 900، وأنه على هذا لابد من أن يكون من أبناء القرن الثامن.

2 - وأما أن المقريزي لخص الروض المعطار في كتاب سمّاه " جني الأزهار من الروض المعطار " فتلك مسألة ما كان لبروفنسال أن يتمسك بها، فقد أثبت فولرز (Vollers) سنة 1889 ثم بلوشيه (رضي الله عنهlochet) سنة 1925 أن هذا الكتاب المسمى " جني الأزهار " إنما هو تلخيص لنزهة المشتاق (?) . وعندما كنت في برلين سنة 1970 صورت النسخة البرلينية من " جني الأزهار " (?) لأستعين بها في تحقيق الروض المعطار، ولدى عودتي قمت بدراستها - قبل أن أطلع على ما كتبه فولرز وبلوشيه - ولم يخامرني أدنى شك في أنها تلخيص لنزهة المشتاق، أما لماذا سميت " جني الأزهار من الروض المعطار " فربما كان هذا يتطلب إيجاد " روض معطار " آخر غير الموجود في أيدينا.

3 - إن بروفنسال قد سمح لتصحيف الناسخ بأن يسيطر على وهمه، فالنص الذي قرأه في آخر النسخة المشار إليها، يجب أن يقرأ على النحو الآتي " هذا آخر الجزء الثاني من الروض المعطار؟ وبتمامه [تم] جميع الكتاب في صبح يوم الجمعة السابع عشر من شهر صفر الخير أحد شهور سنة ست وستين وثمان مائة " - وهذا التاريخ هو تاريخ النسخة التي نقل عنها الناسخ الثاني، وكان نقله سنة 1049؛ فنحن إزاء تاريخين لنسختين، ولا يعد الأول منهما تاريخياً للتأليف بأية حال؛ وقد تنبه الأستاذ رتزيتانو إلى ناحية جديرة بالتوقف حين قال: " وحتى إننا لو افترضنا جدلاً أن السنة المذكورة تعتبر تاريخياً لانتهاء المؤلف من وضع الروض المعطار، فليس من المعقول أن يصف نفسه بعبارات التفخيم والمديح على الصورة الواردة في هذا النص (يريد قوله: الشيخ الفقيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015