ومن هذه الجزيرة يحمل العبيد والإماء من الحبشة إلى سائر الآفاق، وأهل اليمن والحجاز ومكة يستحسنون اتخاذ السراري منهم، ويفضلونهن على جميع ما يتخذون، وفي هذه الجزيرة مغاص اللؤلؤ الجيد.
بضم الدال، ما بين برك الغماد ومكة، وقيل هي ما بين الحجاز والشام، والمعنى واحد، وهي على عشر مراحل من المدينة وعشرين (?) من الكوفة وثمان من دمشق واثنتي عشرة من مصر.
قال عياض: هي بضم الدال وفتحها وأنكر ابن دريد الفتح، وهو موضع من بلاد الشام قرب تبوك، وسميت بدومان بن إسماعيل عليه السلام كان ينزلها، ودومة حصن منيع ومعقل حصين وبه عمارة وتتصل به عين التمر.
وبعث (?) رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً إلى دومة وأقر عليهم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وعممه بيده وقال: " اغد باسم الله فجاهد في سبيل الله تقاتل من كفر بالله، وأكثر من ذكري عسى أن يفتح الله على يديك، فإن فتح فتزوج بنت ملكهم ". وكان الأصبغ بن عمرو بن ثعلبة ملكهم ففتحها وتزوج بنته تماضر بنت الأصبغ وكان افتتاح دومة صلحاً، وهي من بلاد الصلح التي أدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية وكذلك اذرح وهجر والبحران وأيلة.
وقال ابن إسحاق (?) : في سنة تسع فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم دومة وبعث خالد بن الوليد رضي الله عنه فأتاه بأكيدر دومة، وهو أكيدر بن عبد الملك من كندة، وكان ملكاً عليها وكان نصرانياً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد: " انك ستجده يصيد البقر "، فخرج حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين وفي ليلة مقمرة صائفة (?) وهو على سطح له ومعه امرأته، فباتت البقر تحك بقرونها باب القصر فقالت له امرأته: هل رأيت مثل هذا قط؟ قال: لا والله، قالت: فمن (?) يترك هذه؟ قال: لا أحد، فنزل فأمر بفرسه فاستخرج له فركب وركب معه نفر من أهل بيته فيهم أخ له يقال له حسان، فركب وخرجوا معه (?) بمطاردهم، فلما خرجوا لقيتهم خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوه وقتلوا أخاه، وقد كان عليه قباء من ديباج مخوص بالذهب، فاستلبه خالد رضي الله عنه فبعث به إلى رسول الله قبل قدومه عليه، فجعل المسلمون يلمسونه بأيديهم يتعجبون منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتعجبون من هذا، فوالذي نفسي بيده لمناديل سعد بن عبادة (?) في الجنة أحسن من هذا ". ثم إن خالداً رضي الله عنه قدم بأكيدر على رسول الله فحقن له دمه وصالحه على الجزية ثم خلى سبيله، فرجع إلى قريته وكان ذلك في غزوة تبوك.
ودومة أيضاً أخرى عند الحيرة، ويقال لما حولها النجف.
وأما دومة، بفتح الدال، فأخرى مذكورة في أخبار الردة.
وبدومة الجندل اجتمع الحكمان (?) : أبو موسى الأشعري وعمرو بن العاصي رضي الله عنهما، وذلك في سنة ثمان وثلاثين بعث علي رضي الله عنه، عبد الله بن عباس وشريح بن هانئ الهمداني رضي الله عنهم، في أربعمائة رجل، وفيهم أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، وبعث معاوية بن أبي سفيان بعمرو بن العاصي ومعه شرحبيل بن السمط رضي الله عنهم في أربعمائة رجل فلما دنا القوم من الموضع الذي كان فيه الاجتماع قال ابن عباس لأبي موسى: إن علياً لم يرض بك حكماً لفضل عندك والمقدمون عليك كثير، وإن الناس أبوا غيرك، وإني أظن ذلك لشر يراد بهم، وقد ضم إليك داهية العرب فمهما نسيت فلا تنس أن علياً بايعه الذين بايعوا أبا بكر وعمر، وليست فيه خصلة تباعده من الخلافة وليس في معاوية خصلة تقربه من الخلافة. ووصى معاوية عمراً حين فارقه وهو يريد الاجتماع بأبي موسى فقال له: يا أبا عبد الله إن أهل العراق قد أكرهوا علياً على أبي موسى؟ وأنا وأهل الشام راضون بك، وقد ضم إليك رجل طويل اللسان قصير الرأي فأجد الحز وطبق المفصل ولا تلقه برأيك كله. ووافاهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير