أرض خيبر على ثمانية برد من المدينة، وبها حصون كبيرة، وأول حد خيبر الدومة وهو واد، وسوق خيبر اليوم المرطة، وكان عثمان رضي الله عنه مصرها، ثم حصن وجدة وبه نخل وأشجار، ثم سلالم ثم الأهيل، جبل فيه آطام لليهود ومزارع وأموال تعرف بالوطيح ثم الكثيبة ثم الصهباء، وحصن خيبر الأعظم القموص، وهو الذي فتح علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأسفله مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وهناك نطاة والشق، وهما واديان تليهما أرض تسمى السبخة، وبالشق عين تسمى الحمة وهي التي سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمة الملائكة يذهب ثلثا مائها في فلج والثلث الآخر في فلج والمسلك واحد، وقد اعتبرت منذ زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، تطرح فيها ثلاث خشبات أو ثلاث ثمرات فتذهب اثنتان في الفلج الذي له ثلثا مائها وواحدة في الفلج الثاني، ولا يقدر أحد أن يأخذ من ذلك الفلج أكثر من الثلث، ومن قام في الفلج الذي يأخذ الثلثين ليرد الماء إلى الفلج الآخر غلب الماء وفاض ولم يرجع إلى الفلج الثاني شيء يزيد على الثلث. والعين العظمى بالنطاة تسمى اللحيحة.
وكانت خيبر في صدر الإسلام دار بني قريظة وكان بها السموأل بن عادياء المضروب به المثل في الوفاء.
وفي الخبر (?) : لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيبر في سنة سبع، وكان الله تعالى وعده إياها في قوله عز وجل: " وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه " يعني صلح الحديبية والمغانم فتح خيبر، ولما أشرف عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: " قفوا "، ثم قال: " اللهم رب السموات وما أظللن ورب الأرضين وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما أذرين فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها ونعوذ بك من شرها وشر أهلها ثم قال: " اقدموا بسم الله "، وكان يقولها لكل قرية دخلها قال: واستقبلنا عمال خيبر غادين قد خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: محمد والخميس معه، فأدبروا هراباً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين "، وذلك لسنة سبع. وفيها سقط ترس علي رضي الله عنه فأخذ باباً عند الحصن فترس به حتى فتح الله عليه ثم ألقاه، قال أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلقد رأيتني مع سبعة أنا أحدهم نجهد أن نقل ذلك الباب فما قوينا عليه، قال: ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم للأموال يأخذها مالاً مالاً ويفتحها حصناً حصناً.
وظهرت بخيبر في سنة تسع عشرة نار فسارت في الأرض، فأمر عمر رضي الله عنه الناس بالصدقة فتصدقوا فهمدت.
بلد من مدن الصين عامرة والقاصد إليها كثير، وبها التجارات الكثيرة، وبأرضها توجد دواب المسك فهي صنف من المعز هي أشبه بالغزلان لكنها صغار، وألوانها ضربت (?) إلى الحمرة، وجلودها لينة المجسة ورعيها أنواع نبات الطيب، ولها صرر يجتمع فيها دم، يكون دمها أول شيء أحمر ثم لا يزال يتغير إلى السواد حتى يكون لونه أسود إلى الشقرة فتتعلق بها الظباء فتحكها وتقرضها تارة بأظلافها وتارة بالعض بأفواهها إلى أن تسقط.
وفي برية بلاد التبت جبلان يمر بينهما نهر عذب ينبت فيهما السنبل أو ضرب منه فترعاها الظباء المسكية وتأتي إلى ذلك الماء فتشرب منه فتنتفخ صررها وتمتلئ دماً فتحكها وتقرضها تارة بأظلافها حتى تنقطع. وهذه الدواب تصاد في وقت معلوم فتمسك إلى أن تؤخذ منها الصرر ثم تحمل إلى المواضع التي صيدت فيها فتطلق بها وهي بها مستأنسة لا تنفر كثيراً. وأما دابة الزباد فهي في الإقليم الثاني من أوله إلى آخره موجودة به، وهي دابة تشبه القط لكنها كبيرة وتمسك في أقفاص كبار وتطعم اللحم، فإذا كان في أول الصيف وآخر الربيع ابتدأ الرشح في أخصيتها فمتى نظر إليها وقد اجتمع من الزباد فيها شيء قبض عليها وجرد عنها ما اجتمع على خصاها من الدرن، فذلك الزباد المحض، ثم تعاد إلى أقفاصها إلى أن يجتمع بها الدرن وهكذا إلى آخر الخريف، وهذا الحيوان يكون بالمغرب الأقصى كثيراً في بلاد الملثمين، وهو مشهور عندهم.