هما جزيرتان في أرض جزيرة صقلية في ناحية مسيني وهما جزيرتا البركان، واحدة كبيرة والأخرى صغيرة، وفي هاتين الجزيرتين تتقد النار أبداً، فيرى لهب النار بالليل ودخانه بالنهار، ومن العجائب أن النار في إحدى الجزيرتين حديثة ولم تكن بها قبل وأنها ضعفت في الأخرى مذ ذاك، وهاتان الجزيرتان وما يليهما تسمى جزائر أوليا، سميت باسم أولين (?) الذي ذكرت الفلاسفة الجاهلية أنه كان أميراً في تلك الجزائر وكان يعلم أهلها بما يجد في الرياح لتجارب حفظها فاتخذوه إلهاً.
من السواحل الشامية يأخذ من بحر مايطس (?) وبحر نيطس ويجري الماء فيه جرياً ويصب إلى بحر الشام، ومسافة هذا الخليج ثلثمائة وخمسون ميلاً، وقيل أقل من ذلك، وعرضه في الموضع الذي يأخذ من بحر مايطس نحو من عشرة أميال، وهناك عمائر ومدينة للروم تدعى مسناة تمنع من يرد من ذلك البحر من مراكب الروس وغيرها، ثم يضيق هذا الخليج عند القسطنطينية فيصير عرضه، وهو موضع العبور من الجانب الشرقي إلى الجانب الغربي الذي فيه القسطنطينية، نحواً من أربعة أميال، وعليه العمائر، وينتهي إلى الموضع المعروف بأندلس. وهنالك جبال وعين ماء كبيرة ماؤها موصوف تعرف بعين مسلمة بن عبد الملك وكان نزوله عليها حين حاصر قسطنطينية، وأتته مراكب المسلمين، وفم هذا الخليج مما يلي بحر الشام ومنتهى مصبه يضيق، وهناك برج يمنع من فيه لمن يرد من مراكب المسلمين في الوقت الذي كانت للمسلمين فيه مراكب تغزو إلى الروم. وأما الآن (?) فمراكب الروم تغزو بلاد الإسلام، قال المسعودي: وأخبرني أبو عمير علي بن أحمد بن عبد الباقي الأزدي وهو من أهل التحصيل، أنه حين عبر إلى القسطنطينية في هذا الخليج، حين دخل لإقامة الهدنة والفداء، كان يتبين جرية هذا الماء وبرده مما يلي بحر مايطس وربما يتبين في الماء الذي مما يلي بحر الشام فيجده فاتراً، وهذا يدل على اتصال ماء هذين البحرين وأنه قد دخل من بحر الروم إلى هذا الخليج أيضاً. قال المسعودي: وسمعت غير واحد من أهل التحصيل ممن غزا غزاة سلوقية مع غلام زرافة، وقد كانوا دخلوا إلى خليج القسطنطينية وساروا فيه مسافة بعيدة، أنهم وجدوا الماء في هذا الخليج يقل في أوقات من الليل والنهار ويكثر كالجزر والمد، وعليه المدن والعمائر، فلما أحسوا بنقصان الماء بادروا بالخروج منه إلى البر الرومي، وإن في مدخله من بحر الروم مدينة تقرب من فم الخليج، والخليج يطيف بالقسطنطينية من جهتين مما يلي الشرق ومما يلي الشمال.
بازاء الجحفة، وتقدم ذكره في الجحفة، وقال أبو عبيدة: خم بئر احتفرها عبد شمس بالبطحاء بعد (?) بئره العجول.
قبل وصولك إلى المدينة المكرمة من جهة المغرب بمقدار غلوة تلقى الخندق الشهير الذي صنعه النبي صلى الله عليه وسلم عند تحزب الأحزاب.
وكانت (?) وقعة الخندق في شوال بعد أحد بسنة لما أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير خرج من اليهود سلام بن أبي الحقيق وحيي بن أخطب وكنانة بن الربيع النضريون، وهوذة بن قيس وأبو عمار الوائليان، في نفر من بني النضير وبني وائل، وهم الذين حزبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدموا مكة على قريش، فاستعدوهم واستنصروهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوهم إلى حربه وقالوا: إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله، فقالت لهم قريش: يا معشر يهود، إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، أفديننا خير أم دينه؟ قالوا: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أولى بالحق منه، فهم الذين أنزل الله فيهم: " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً، أولئك