مدينة عامرة آهلة على شاطئ دجلة لها فرض وأسواق، وهي كورة من كور الموصل لها عمارات وقرى، وأهلها أخلاط من العرب والعجم، ولها غلات واسعة وخصب وهي شرقي دجلة، وبها مصب نهر الزاب الكبير، ومنها إلى الموصل مرحلة. وكان محمد بن مروان بن الحكم لما ولي الجزيرة أيام عبد الملك بن مروان بناها وصير فيها جنداً ونقل إليها قوماً من العرب من البصرة وغيرها، والأزد أكثرهم، وكان بنيانها سنة اثنتين وسبعين. ولما اختط هرثمة الموصل وأسكنها العرب أتى الحديثة وكانت قرية بها بيعتان وأبيات للنصارى فمصرها وأسكنها قوماً من العرب، فسميت الحديثة لأنها بعد الموصل.

الحديبية (?) :

الحجازيون يخففون ياء الحديبية والعراقيون يثقلونها، وقال الأصمعي: هي مخففة الياء الأخيرة ساكنة الأولى، وهو اسم بئر قريبة من مكة وطريق جدة، وفيها كانت بيعة الرضوان تحت الشجرة المذكورة في القرآن لما صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العمرة وصالح كفار قريش على أن يعتمر من العام المقبل، وكانت الشجرة بالقرب من هذه البئر، ثم إن الشجرة فقدت بعد ذلك فلم توجد، كذا قال القضاعي في تاريخه عن أبي عبد الله الحاكم قال سعيد بن المسيب سمعت أبي وكان من أصحاب الشجرة يقول: قد طلبناها غير مرة فلم نجدها وكانت سمرة، وقال ابن المسيب: وقعت الفتنة الأولى - يعني مقتل عثمان رضي الله عنه - فلم تبق من أصحاب بدر أحداً ثم وقعت الثانية - يعني الحرة - فلم تبق من أصحاب الحديببة أحداً ثم وقعت الثالثة فلم ترتفع وللناس طباخ (?) .

الحرم (?) :

قال الزبير: أول من نصب أعلام الحرم عدنان بن أد لما خاف أن يدرس الحرم، فأعلام الحرم محيطة بمكة قد نصبت في البقاع والغيطان والتلاع والقيعان، فحد الحرم من ناحية التنعيم على طريق سرف إلى مر الظهران خمسة أميال، ومن طريق جدة عشرة أميال، ومن طريق اليمن ستة، ومن طريق الطائف سبعة، ومن طريق العراق كذلك.

وقيل حد حرم مكة من ناحية المدينة ذو طوى على ثلاثة أميال من مكة، وحده من طريق جدة على عشرة أميال، وحده من طريق اليمن على سبعة أميال، وحده من طريق العراق على ستة أميال، وحده من طريق الطائف على أحد عشر ميلاً، فعدد أميال الحرم سبعة وثلاثون ميلاً، ودور الحرم حول الكعبة سبعمائة وثلاثة وثلاثون ميلاً.

حراء (?) :

بكسر أوله ممدود، جبل بمكة، قال الأصمعي: بعضهم يذكره ويصرفه وبعضهم يؤنثه ولا يصرفه.

وفي الخبر (?) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اثبت حراء فإنما عليك نبي أو صديق أو شهيد ". وكان صلى الله عليه وسلم يتحنث في هذا الجبل الليالي ذوات العدد قبل أن يوحى إليه وفيه نزل عليه جبريل عليه السلام أول ما أوحي إليه وفيه بشره بالنبوة.

وبينه وبين مكة ميل ونصف، وهو جبل منفرد على طريق حنين من مكة، وهو منيف صعب المرتقى لا يصعد إلى أعلاه إلا من موضع واحد في صفاة ملساء، وهو من جميع نواحيه منقطع لا يرقاه راق، والموضع الذي نزل فيه جبريل عليه السلام في أعلاه من مؤخره إلى شق هناك معروف.

حروراء:

قرية من قرى الكوفة، بينها وبين الكوفة نصف فرسخ بها اجتمع الخوارج على علي رضي الله عنه فسماهم بالحرورية، ولقي جمعهم هناك فأوقع بهم في تسع وثلاثين، وذلك أنه لما فرغ علي رضي الله عنه من صفين نادى في الناس بالرحيل فرحلوا، فمضى حتى دخل قصر الكوفة، وكان أهلها قد خرجوا مع علي رضي الله عنه إلى صفين وهم متوادون أحباء فرجعوا وهم متباغضون أعداء، ما برحوا من عسكرهم بصفين حتى فشا فيهم التحكيم، وأقبلوا في طريقهم يتدافعون ويتشاتمون ويضطربون بالسياط، يقول الخوارج: يا أعداء الله أدهنتم في أمر الله وحكمتم، ويقول الآخرون: فارقتم إمامنا وفرقتم جماعتنا. فلما دخل علي رضي الله عنه الكوفة لم يدخلوا معه وأتوا حروراء فنزل بها منهم اثنا عشر ألفاً، ويسمى هؤلاء بالحرورية لنزولهم بهذه القرية، ومضى إليهم علي رضي الله عنه فجلس إليهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015