اثني عشر حماماً، وحواليها من البرابر أمم كثيرة (?) .
وفي سنة خمس وستمائة (?) كانت وقعة تاهرت ليحيى بن إسحاق الميورقي على السيد أبي عمران موسى بن يوسف بن عبد المؤمن، فإنه لما فر من إفريقية أمام صاحبها الشيخ أبي محمد عبد الواحد بن الشيخ أبي حفص الموالي عليه الهزائم تمرس بجهة تلمسان، فكتب أبو محمد إلى أبي عمران بأن لا يعرض له فإنه في اتباعه بالقوم الذين دربوا على قتاله، فقال أولياء السيد: إن هذه لذلة عظيمة نقعد كالنساء في البيوت حتى يأخذه صاحب إفريقية من أيدينا، فخرج إليه السيد من تلمسان بمن اجتمع إليه وساروا إلى جهة تاهرت، فأقبل الميورقي حين أبعدوا من منازلهم بشرذمته التي هي بقايا الحتوف وطرائد السيوف، فحمل عليهم حملة فلم يثبتوا لها وقتل السيد في المعركة وأسر ولده وأقاربه وخواصه، وكان القتلى من عسكره ألفاً وسبعمائة، واحتوى الملثمون على ما أقال عثرتهم من نكبتهم، ورجعوا إلى إفريقية، ففك الأسرى وأخذ الغنائم صاحبها أبو محمد عبد الواحد من أيديهم على عادته، ولما خلت تلمسان من حكام لجهاتها ومصلح لما فسد من أحوالها اختير لها أبو زيد بن يوجان الهنتاتي الذي كان وزير المنصور يعقوب فهو الذي فتح باب الفتنة الآتية على دولتهم، فيالله ماذا فعل وما فعل به وصنع.
نهر عظيم يشق طليطلة قصبة الأندلس في الزمان الأقدم يخرج من بلاد الجلالقة ويصب في البحر الرومي، وهو نهر موصوف من أنهار العالم، وعليه على بعد من طليطلة قنطرة عظيمة بنتها ملوك سالفة وهي من البنيان الموصوف.
نهر على ثلاثة أميال من مراكش ليس بالكبير لكنه دائم الجري وإذا كان زمن الشتاء حمل بسيل كبير لا يبقي ولا يذر، وكان أمير المؤمنين علي بن يوسف بنى عليه قنطرة عظيمة متقنة البناء بعد أن جلب إلى عملها صناع الأندلس وجملة من أهل المعرفة بالبناء فشيدوها وأتقنوها حتى كملت، ثم لم تلبث بعد أعوام يسيرة حتى أتى عليها السيل فاحتمل أكثرها وحل عقدها وهدمها ورمى بها إلى البحر. وهذا النهر يأتي إليها من عيون ومياه منبعثة من جبل درن من ناحية مدينة اغمات ايلان.
مدينة بالمغرب قريبة من ندرومة كبيرة مسورة على ساحل البحر كانت محطاً للسفن ومقصداً لقوافل سجلماسة وغيرها، وكان سكانها من قبائل البربر مطغرة وهم أعدل من هناك من البربر، وعلى هذا الساحل مدن كثيرة قد خربت وكانت في سالف الدهر آهلة كثيرة الخصب.
مدينة بينها وبين تارنانا عشرة أميال، وهي مدينة مشهورة على ساحل البحر بها مسجد جامع متقن البناء يشرف على البحر، ولها أسواق جامعة، وهي محط للسفن ومقصد لقوافل سجلماسة وغيرها، وفي الشرق من تابحريت مدينة مسكاك (?) بينهما نحو ثلاثة أميال وهي أقدم من تابحريت وإنما جددت مدينة تابحريت بعد العشرين والأربعمائة (?) وهي ساحل وجدة.
من بلاد المغرب، وهي مدينة قديمة أزلية فيها آثار للأول، بنى الملثمون فيها حصناً منيعاً هو الآن معمور وفيه الأسواق والجامع، والبلد كله كثير الخيرات والأرزاق أحاطت به القبائل من جميع الجهات. وهي بلد أحمد بن عبد السلام الجراوي (?) الشاعر الباقعة، يقال إنه مدح عبد المؤمن وولده يوسف وولده يعقوب وولده محمداً الناصر ومات عام العقاب، وهو عام تسعة وستمائة، واستوطن مدينة فاس وقرأ بها وكان لا يسلم أحد من لسانه، وكان مسلطاً على بني الملجوم أعيان فاس واستطرد بهجاء قومه وبلده إليهم فقال: