ولها ربض وعليها سور منيع، والدخول إليها والخروج عنها إلى الأندلس على باب الجبل المسمى بهيكل (?) الزهرة ويسكن برشلونة ملك افرنجة وهي دار ملكهم وله مراكب تسافر وتغزو وللافرنج شوكة لا تطاق، وبرشلونة كثيرة الحنطة والحبوب والعسل واليهود بها يعدلون النصارى كثرة وربضها خارج عنها، وهي في القسم الثالث من الأندلس وهي مسورة كبيرة (?) .
مدينة بالشام من عمل الغوطة كان من أهلها رجل صالح وكان أعور، قال الراوي: قلت له: ما سبب ذهاب عينك؟ فقال: أمر عجيب، وامتنع أن يخبرني شهوراً، ثم حدثني قال: جاءني وأنا شاب رجلان فدفعا إلي ثمن غرارة قمح وقالا: اعجن لنا كل يوم ربعاً وأنفق لنا خمسة دراهم في لحم وشيء من الحلوى، فأقاما عندي جمعة ثم قالا لي: في قرية برزة واد، قلت: نعم، فخرجا إليه نصف الليل وأخذاني معهما ونزلا إلى الوادي وكانت معهما دابة محملة فحطا عنها وأخرجا خمس مجامر وأوقدا فيها ناراً وجعلا فيها بخوراً كثيرا وأقبلا يعزمان والحيات تقبل إليهما من كل مكان فلا يعرضان إليها إلى أن جاءت حية نحو ذراع وعيناها تقدان مثل الدينار، فلما رأياها استبشرا وقالا: الحمد لله من أجلها جئنا من خراسان، ثم قبضا عليها ثم أدخلا في عينيها ميلاً واكتحلا به، فقلت لهما: اكحلاني كما اكتحلتما، فقالا: ما يصلح لك، فقلت: لا بد من ذلك، قالا: يا هذا ما لك فائدة فيها، فقلت: والله لا زايلتكا أو تكحلاني أو لأصرخن بالوادي حتى يخرج فيؤخذ كل ما معكما، فلما لم يريا لهما مني مخلصاً قالا: فنكحل عينك الواحدة، فكحلا عيني اليمنى، فحين وقع ذلك في عيني نظرت إلى الأرض تحتي مثل المرآة انظر ما تحتها كما تؤدي المرآة، ثم قالا لي: سر معنا قليلا، فسرت معهما وهما يحدثاني حتى إذا بعدنا عن القرية كتفاني ثم أدخل أحدهما اصبعه في عيني فقلعها ورمى بها وتركاني ملقى ومضيا فكان آخر العهد بهما ولم أزل مكتفاً إلى الصبح حتى جاءني نفر من الناس فحلوني، فهذا ما كان من خبر عيني.
هي مدينة ارمينية، وقد تقدم ذكرها، وطول برذعة ثلاثة أميال في عرض مثلها وهي نزيهة حصينة ذات أنهار وأشجار ومياه كثيرة وهي أم بلاد الران (?) كلها، وهي مدينة كبيرة جداً وهي من أنزه البلاد بقعة وأوفرها نعمة وبها خصب زائد وكروم وبساتين وأشجار وعلى ثلاثة أميال موضع يسمى الأندراب مسيرة يوم في مثله جميعه بساتين مشتبكة وعمارات متصلة وفواكه دائمة وجنات كثيرة ومتاجر عظيمة، وبها من البندق والشاه بلوط ما يربي على ما في الشام كبراً وطيباً. ولبرذعة باب يعرف بباب الأكراد له سوق مقدار ثلاثة أميال وهي سوق عظيمة يجتمع الناس إليها في كل يوم أحد ويقصدون إليها من كل جهة ويبتاع فيها من صنوف الأمتعة وجميع المصنوعات الشيء الكثير.
وببرذعة مات يزيد بن مزيد، قالوا أهديت إلى يزيد هذا جارية حسناء فوافقته حين رفع يده من الطعام فواقعها فما سقط عنها