الروض الأنف: وكتاب الروض الأنف- كما ذكر مؤلفه فى مقدمته- هو: «إيضَاحِ مَا وَقَعَ فِي سِيرَةِ رَسُولِ اللهِ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- الّتِي سَبَقَ إلَى تأليفها أبو مُحَمّدُ بْنُ إسْحَاقَ الْمُطّلِبِيّ، وَلَخَصّهَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ الْمَعَافِرِيّ الْمِصْرِيّ النّسّابَةُ النّحْوِيّ مِمّا بَلَغَنِي عِلْمُهُ، وَيُسّرَ لِي فَهْمُهُ مِنْ لَفْظٍ غَرِيبٍ، أَوْ إعْرَابٍ غَامِضٍ، أَوْ كَلَامٍ مُسْتَغْلِقٍ، أو نسب عويص، أو موضع فاته التّنْبِيهُ عَلَيْهِ، أَوْ خَبَرٍ نَاقِصٍ يُوجَدُ السّبِيلُ إلى تتمته» إلى أن يقول: «تَحَصّلَ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ فَوَائِدِ الْعُلُومِ وَالْآدَابِ وَأَسْمَاءِ الرّجَالِ وَالْأَنْسَابِ وَمِنْ الْفِقْهِ الْبَاطِنِ اللّبَابِ، وَتَعْلِيلِ النّحْوِ، وَصَنْعَةِ الْإِعْرَابِ مَا هُوَ مُسْتَخْرَجٌ مِنْ نَيّفٍ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ دِيوَانًا سوى ما أنتجه صدرى» .
وهو جهد بارع صادع بأن الرجل كان إماما فى فنون عصره. فهو المحدّث الفقيه النسابة اللغوى النحوى (?) المفسر المؤرخ الآخذ من كل فنون عصره بنصيب وفير. وقد لاءم بين فنون معرفته، حتى جعل منها وحدة يصدر عنها فى كل ما يكتب، ومما يزيدنا إعجابا بالرجل أنه فقد بصره، وأن الكتب كانت فى زمانه مخطوطة، فمتى طالع كل هذا؟ وكيف طالعه؟ وتراثه يشهد له بأنه استوعب كل ما قرأ، وبدت سعة اطلاعه، ونفاذ بصيرته وقوة تفكيره فى أكثر ما كتب.
ومما يجعلنا أيضا شديدى الاحترام للرجل- رغم ما وجدت عنده من خرف- هذه الحقيقة التى تطالعك فى كتابه: إنها الأمانة الصادقة فى النقل، وفى نسبة كل شئ