محتاج- فى تأييد الناس له- إلى الكذب، وأن الإيمان يريد سندا من الكفر، وأن الخير فقير إلى الشر؛ ليهب له فى الحياة مكانته.
إن محمدا- صلى الله عليه وسلم- كالشمس لا تحتاج إلى دليل يثبت أنها بزغت سوى أن تراها وهى بازغة فحسب، ومكانته أجل من أن نقترف الكذب لنثبت به أنه صدوق. إن نوره يدل عليه، ويثبت بلا برهان- سوى تألقه وتوهجه- أنه حقا يضئ، فلنقل عنه ما قاله ربه الذى خلقه فى أحسن تقويم لنقل: إنه ما كان بدعا من الرسول، وإنه كان بشرا يوحى إليه.
ألا وإن حق القرآن هو الحق الأول، فهو المهيمن على كل كتاب جاء به البشر، أو جاء به رسول الله من عند الله، فلنعتصم به، ونحن نكتب، أو ننقد ما كتب، ليهب الله لنا الفرقان المبين. ولنحذر أن نتهيب اسما يسحرنا تهيّبه عن الصواب، أو نذعن لسلطان ما يخادعنا، ليلوينا عن الحق.
وبهذه الروح أقبلت على تحقيق كتاب «الروض الأنف» (?) وفى فكرى، وعلى قلمى حفاظ قوى على النص، وإن وجدت فيه ما يخالف بعض ما أرى أنه مجانف للحق، وقد احتشدت لهذا الكتاب بكل ما أملك من جهد، لا أزعم أنه عظيم، وإنما أزعم أنه كل ما أملك. وقد لقيت فى سبيل تحقيقه ما لقيت من مشاق لا آمن بها، وإنما أضرع إلى الله أن يكون لها عند الله حسن المثوبة؛ فما يكون الثواب إلا على ما يرضيه سبحانه.