حَدِيثُ الزّبَيْرِ عَنْ سَبَبِ الْهَزِيمَةِ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ:
ثُمّ أَنَزَلَ اللهُ نَصْرَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَصَدّقَهُمْ وَعْدَهُ فَحَسّوهُمْ بِالسّيُوفِ حَتّى كَشَفُوهُمْ عَنْ الْعَسْكَرِ وَكَانَتْ الْعَزِيمَةُ لَا شَكّ فِيهَا.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبّادٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزّبَيْرِ، عَنْ الزّبَيْرِ أَنّهُ قَالَ:
وَاَللهِ لَقَدْ رَأَيْتنِي أَنْظُرُ إلَى خَدَمِ هِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ وَصَوَاحِبِهَا مُشَمّرَاتٍ هَوَارِبَ مَا دُونَ أَخْذِهِنّ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ إذْ مَالَتْ الرّمَاةُ إلَى الْعَسْكَرِ حِينَ كَشَفْنَا الْقَوْمَ عَنْهُ وَخَلَوْا ظُهُورَنَا لِلْخَيْلِ فَأُتِينَا مِنْ خَلْفِنَا، وَصَرَخَ صَارِخٌ أَلَا إنّ مُحَمّدًا قَدْ قُتِلَ. فَانْكَفَأْنَا وَانْكَفَأَ عَلَيْنَا الْقَوْمُ بَعْدَ أَنْ أَصَبْنَا أَصْحَابَ اللّوَاءِ حَتّى مَا يَدْنُو مِنْهُ أَحَدٌ مِنْ الْقَوْمِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ:
الصّارِخُ أَزَبّ الْعَقَبَةِ، يَعْنِي الشّيْطَانَ.
شُجَاعَةُ صُؤَابٍ وَشِعْرُ حَسّانَ فِي ذَلِكَ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنّ اللّوَاءَ لَمْ يَزَلْ صَرِيعًا حَتّى أَخَذَتْهُ عَمْرَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ الْحَارِثِيّةُ، فَرَفَعَتْهُ لِقُرَيْشِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الصّارِخُ يَوْمَ أُحُدٍ:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ الصّارِخَ يَوْمَ أُحُدٍ بِقَتْلِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُ ابْنِ هِشَامٍ: الصّارِخُ أَزَبّ الْعَقَبَةِ، هَكَذَا قَيْدٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الزّاي، وَذَكَرْنَا فِي بَيْعَةِ الْعَقَبَةِ مَا قَالَهُ ابْنُ مَاكُولَا فِي أُمّ كُرْزٍ بِنْتُ الْأَزَبّ بْنِ عَمْرِو بْنِ بَكِيلٍ، وَأَنّهُ قَالَ لَا يُعْرَفُ الْأَزَبّ فِي الْعَرَبِ إلّا هَذَا، وَأَزَبّ الْعَقَبَةِ، وَذَكَرْنَا حَدِيثَ ابْنِ الزّبَيْرِ الّذِي ذَكَرَهُ الْقُتَبِيّ إذْ رَأَى رَجُلًا طُولُهُ شِبْرَانِ عَلَى بَرْذعَةِ رَحْلِهِ فَنَفَضَهَا مِنْهُ