وَلَوْلَا دِفَاعِي يَا ابْنَ حَرْبٍ وَمَشْهَدِي ... لَأَلْفَيْت يَوْمَ النّعْفِ غَيْرَ مُجِيبِ
وَلَوْلَا مَكَرّي الْمُهْرِ بِالنّعْفِ قَرْقَرْت ... ضِبَاعٌ عَلَيْهِ أَوْ ضِرَاءُ كَلِيبِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ قَوْلُهُ " عَلَيْهِ أَوْ ضِرَاءُ " عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.
شِعْرُ الْحَارِثِ فِي الرّدّ عَلَى أَبِي سُفْيَانَ أَيْضًا
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ يُجِيبُ أَبَا سُفْيَانَ
جِزْيَتهمْ يَوْمًا بِبَدْرِ كَمِثْلِهِ ... عَلَى سَابِحٍ ذِي مَيْعَةٍ وَشَبِيبِ
لَدَى صَحْنِ بَدْرٍ أَوْ أَقَمْت نَوَائِحَا ... عَلَيْك وَلَمْ تَحْفِلْ مُصَابُ حَبِيبِ
وَإِنّك لَوْ عَايَنْت مَا كَانَ مِنْهُمْ ... لَأَبَتْ بِقَلْبِ مَا بَقِيت نَخِيبُ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ:
وَإِنّمَا أَجَابَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ أَبَا سُفْيَانَ لِأَنّهُ ظَنّ أَنّهُ عَرّضَ بِهِ فِي قَوْلِهِ
وَمَا زَالَ مُهْرِي مَزْجَرُ الْكَلْبِ مِنْهُمْ
لِفِرَارِ الْحَارِثِ يَوْمَ بَدْرٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَيُرْوَى شِرْكٌ بِكَسْرِ الشّينِ وَأَقْرَبُ مَا يُقَالُ فِي مَعْنَى هَذَا الْبَيْتِ أَنّهُ أَرَادَ الْجِدَايَةَ مِنْ الْوَحْشِ وَهِيَ أَوْلَادُ الظّبَاءِ وَنَحْوُهَا، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنّهُ يُقَالُ جِدَايَةٌ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَالذّكَرِ وَالْأُنْثَى، فَيَكُونُ الشّرْكُ عَلَى هَذَا فِي مَعْنَى الْأَشْرَاكِ الّتِي يُصَادُ بِهَا، وَقَدْ قِيلَ إنّ شُرْكًا اسْمُ مَوْضِعٍ وَاَللهُ أَعْلَمُ وَعَضَلٌ قَبِيلَةٌ مِنْ خُزَيْمَةَ غَادِرَةٌ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ غَدْرُ عَضَلٍ وَالْقَارَةُ. وَقَوْلُهُ مُعْلَمَات الْحَوَاجِبِ يَعْنِي: بِالدّمَاءِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدُ سَوَادَهَا مَا بَيْنَ أَعْيُنِهَا، كَمَا أَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ [لِلْأَعْشَى] :
وَكَأَنّهُ لَهْقُ السّرَاةِ كَأَنّهُ ... مَا حَاجِبَيْهِ مُعَيّنٌ بِسَوَادِ