وَجَدْت فِي نَفْسِي حِينَ سَأَلْت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السّيْفَ فَمَنَعْنِيهِ وَأَعْطَاهُ أَبَا دُجَانَةَ وَقُلْت: أَنَا ابْنُ صَفِيّةَ عَمّتِهِ، وَمِنْ قُرَيْشٍ، وَقَدْ قُمْت إلَيْهِ فَسَأَلْته إيّاهُ قَبْلَهُ فَأَعْطَاهُ إيّاهُ وَتَرَكَنِي، وَاَللهِ لَأَنْظُرَنّ مَا يَصْنَعُ فَاتّبَعْته، فَأَخْرَجَ عِصَابَةً لَهُ حَمْرَاءَ، فَعَصَبَ بِهَا رَأْسَهُ فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: أَخَرَجَ أَبُو دُجَانَةَ عِصَابَةَ الْمَوْتِ، وَهَكَذَا كَانَتْ تَقُولُ لَهُ إذَا تَعَصّبَ بِهَا، فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ
أَنَا الّذِي عَاهَدَنِي خَلِيلِي ... وَنَحْنُ بِالسّفْحِ لَدَى النّخِيلِ
أَلّا أَقَوْمَ الدّهْرَ فِي الْكَيّولِ ... أَضْرِبْ بِسَيْفِ اللهِ وَالرّسُولِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُرْوَى فِي الْكُبُولِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ:
فَجَعَلَ لَا يَلْقَى أَحَدًا إلّا قَتَلَهُ. وَكَانَ فِي الْمُشْرِكِينَ رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَنَا جَرِيحًا إلّا ذَفّفَ عَلَيْهِ فَجَعَلَ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدْنُو مِنْ صَاحِبِهِ. فَدَعَوْت اللهَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَقَوْلُ أَبِي دُجَانَةَ
أَلّا أَقَوْمَ الدّهْرَ فِي الْكَيّولِ
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْكَيّولُ آخِرُ الصّفُوفِ قَالَ وَلَمْ يُسْمَعْ إلّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ الْهَرَوِيّ مِثْلَ مَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَزَادَ فِي الشّرْحِ وَقَالَ سُمّيَ بِكَيّولِ الزّنْدِ وَهِيَ سَوَادٌ وَدُخَانٌ يَخْرُجُ مِنْهُ آخِرًا، بَعْدَ الْقَدَحِ إذَا لَمْ يُورِ نَارًا، وَذَلِكَ شَيْءٌ لَا غِنَاءَ فِيهِ يُقَالُ مِنْهُ كَالَ الزّنْدَ يَكُولُ فَالْكَيّولُ فَيْعُول مِنْ هَذَا، وَكَذَلِكَ كَيّولُ الصّفُوفِ لَا يُوقِدُ نَارَ الْحَرْبِ وَلَا يُزْكِيهَا، هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ لَا لَفْظِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ نَحْوًا مِنْ هَذَا إلّا أَنّهُ قَالَ كَالَ الزّنْدَ يَكِيلُ بِالْيَاءِ لَا غَيْرُ.