تَحْرِيضُ هِنْدٍ وَالنّسْوَةِ مَعَهَا
فَلَمّا الْتَقَى النّاسُ وَدَنَا بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ قَامَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ فِي النّسْوَةِ اللّاتِي مَعَهَا، وَأَخَذْنَ الدّفُوفَ يَضْرِبْنَ بِهَا خَلْفَ الرّجَالِ وَيُحَرّضْنَهُمْ فَقَالَتْ هِنْدٌ فِيمَا تَقُولُ
وَيْهًا بَنِي عَبْدِ الدّارْ ... وَيْهًا حُمَاةَ الْأَدْبَارْ
ضَرْبًا بِكُلّ بَتّارْ
وَتَقُولُ
إنْ تُقْبِلُوا نُعَانِقْ ... وَنَفْرِشُ النّمَارِقْ
أَوْ تُدْبِرُوا نُفَارِقْ ... فِرَاقَ غَيْرِ وَامِقْ
شِعَارُ الْمُسْلِمِينَ
وَكَانَ شِعَارُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ: أَمِتْ أَمِتْ فِيمَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ.
تَمَامُ قِصّةِ أَبِي دُجَانَةَ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ:
فَاقْتَتَلَ النّاسُ حَتّى حَمِيَتْ الْحَرْبُ وَقَاتَلَ أَبُو دُجَانَةَ حَتّى أَمْعَنَ فِي النّاسِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنّ الزّبَيْرَ بْنَ الْعَوَامّ قَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بِقَوْلِكُمْ وَلَا يَسْتجْوِيَنّكم الشّيْطَانُ" أَيْ قُولُوا بِقَوْلِ أَهْلِ دِينِكُمْ وَأَهْلِ مِلّتِكُمْ كَذَا فَسّرَهُ الْخَطّابِيّ، وَمَعْنَاهُ عِنْدِي: قُولُوا: بِقَوْلِكُمْ لَا بِقَوْلِ الشّيْطَانِ لِأَنّهُ قَدْ جَعَلَهُمْ جَرِيّا لَهُ أَيْ وَكِيلًا وَرَسُولًا، وَإِذَا كَانُوا جَرِيّا لَهُ وَقَالُوا: مَا يُرْضِيهِ مِنْ الْغُلُوّ فِي الْمَنْطِقِ فَقَدْ قَالُوا بِقَوْلِهِ وَيَسْتجْرِيَنّكم مِنْ قَوْلِهِمْ جَرَيْت جَرْيًا، أَيْ وَكّلْت وَكَيْلًا. وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ آخَرُ أَنْتَ أَشْرَفُنَا حَسَبًا وَأَكْرَمُنَا أُمّا وَأَبًا، فَقَالَ "كَمْ دُونَ لِسَانِك مِنْ طَبَقٍ"؟ فَقَالَ أَرْبَعَةُ أَطْبَاقٍ فَقَالَ "أَمَا كَانَ فِيهَا مَا يَزَعُ عَنّي غَرِبَ لِسَانِك" رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي جَامِعِهِ.