ثُمّ قَصّ عَلَيْهِمْ خَبَرَ مُوسَى وَمَا لَقِيَ مِنْهُمْ وَانْتِقَاضَهُمْ عَلَيْهِ وَمَا رَدّوا عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ اللهِ حَتّى تَاهُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً عُقُوبَةً.
رُجُوعُهُمْ إلَى النّبِيّ فِي حُكْمِ الرّجْمِ:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ الزّهْرِيّ أَنّهُ سَمِعَ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُحَدّثُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيّبِ، أَنّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدّثَهُمْ أَنّ أَحْبَارَ يَهُودَ اجْتَمَعُوا فِي بَيْتِ الْمِدْرَاسِ حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَقَدْ زَنَى رَجُلٌ مِنْهُمْ بَعْدَ إحْصَانِهِ بِامْرَأَةِ مِنْ يَهُودَ قَدْ أُحْصِنَتْ فَقَالُوا: ابْعَثُوا بِهَذَا الرّجُلِ وَهَذِهِ الْمَرْأَةِ إلَى مُحَمّدٍ فَسَلُوهُ كَيْفَ الْحُكْمُ فِيهِمَا، وَوَلّوهُ الْحُكْمَ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ عَمِلَ فِيهِمَا بِعَمَلِكُمْ مِنْ التّجْبِيَةِ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ذِكْرُ الْمَرْجُومَةِ مِنْ الْيَهُودِ:
فَصْلٌ وَذَكَرَ الْمَرْجُومَةَ مِنْ الْيَهُودِ، وَأَنّ صَاحِبَهَا الّذِي رُجِمَ مَعَهَا حَنَا عَلَيْهَا بِنَفْسِهِ لِيَقِيَهَا الْحِجَارَةَ. حَنَا بِالْحَاءِ تَقَيّدَ فِي إحْدَى الرّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ وَكَذَلِكَ فِي الْمُوَطّأِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى، فَجَعَلَ يَحْنَى عَلَيْهَا، وَفِي الرّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ جَنَأَ بِالْجِيمِ وَالْهَمْزِ وَعَلَى هَذِهِ الرّوَايَةِ فَسّرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَالْجَنَاءُ الِانْحِنَاءُ قَالَ الشّاعِرُ عَوْفُ بْنُ مُحَلّمٍ.
وَبَدّلَتْنِي بِالشّطَاطِ الْجَنَا ... وَكُنْت كَالصّعْدَةِ تَحْتَ السّنَانِ
وَفِي حُنُوّهِ عَلَيْهَا مِنْ الْفِقْهِ أَنّهُمَا لَمْ يَكُونَا فِي حُفْرَتَيْنِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ فِي سُنّةٍ الرّجْمِ وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عَلِيّ رَحِمَهُ اللهُ أَنّهُ حَفَرَ لِشُرَاحَةَ بِنْتِ مَالِكٍ الْهَمْدَانِيّةِ حِينَ رَجَمَهَا. وَأَمّا الْأَحَادِيثُ فَأَكْثَرُهَا عَلَى تَرْكِ الْحَفْرِ لِلْمَرْجُومِ وَاسْمُ هَذِهِ الْمَرْجُومَةِ بُسْرَةُ فِيمَا ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَفِي قِصّتِهِمَا أَنْزَلَ اللهُ {وَكَيْفَ يُحَكّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التّوْرَاةُ} الْآيَةُ إلَى قَوْلِهِ {يَحْكُمُ بِهَا النّبِيّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا}