بإحضاره وضربه أسواطاً، وَنَهَاهُ عَن الْجُلُوس فِي مُؤخر الْمَسْجِد 1.
وَمِمَّنْ أدْرك ابْن إِسْحَاق فِي الْمَدِينَة المنورة من الصَّحَابَة أنس بن مَالك - رَضِي الله عَنهُ -.
ثمَّ مَا لبث ابْن إِسْحَاق أَن ترك الْمَدِينَة ورحل إِلَى غَيرهَا من الْبلدَانِ، فَكَانَت رحلته الألى إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة سنة 115هـ، وَفِي الْإسْكَنْدَريَّة حدث عَن جمَاعَة من أهل مصر مِنْهُم: عبيد الله بن الْمُغيرَة، وَعبيد الله بن أبي جَعْفَر، وَيزِيد بن حبيب، وَغَيرهم كثير. وَقد انْفَرد ابْن إِسْحَاق بِرِوَايَة أَحَادِيث عَنْهُم لم يروها غَيره.
ثمَّ كَانَت رحلته إِلَى الْكُوفَة والجزيرة والري والحيرة وبغداد، وَفِي بَغْدَاد التقى بالخليفة أبي جَعْفَر الْمَنْصُور، وصنف لِابْنِهِ الْمهْدي كتاب "السِّيرَة" وَكَانَ أَكثر رُوَاته من تِلْكَ الْبِلَاد. وَقد عَاشَ ابْن إِسْحَاق بَقِيَّة حَيَاته فِي بَغْدَاد إِلَى أَن وافته الْمنية يها سنة 151هـ - على قَول الخزرجي - وَدفن ابْن إِسْحَاق فِي مَقْبرَة لخيزران من مَقَابِر بَغْدَاد.
مَنْزِلَته ومكانته يبن الْعلمَاء:
يعْتَبر ابْن إِسْحَاق أحد الْأَئِمَّة الأعلامن وَلَا سِيمَا فِي الْمَغَازِي وَالسير، وَهُوَ الَّذِي ألف السِّيرَة الْمَشْهُورَة النِّسْبَة إِلَى ابْن هِشَام، وَقد ألفها بِأَمْر من الْخَلِيفَة أبي جَعْفَر الْمَنْصُور، ليعلمها لِابْنِهِ الْمهْدي، وَفِي هَذَا يَقُول ابْن عدي عَنهُ: "لَو لم يكن لِابْنِ إِسْحَاق من الْفضل إِلَى أَنه صرف الْمُلُوك عَن الِاشْتِغَال بكتب لَا يحصل مِنْهُ شَيْء، للاشتغال بمغازي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومبعثه ومبتدأ الْخلق، لكَانَتْ هَذِه الْفَضِيلَة سبق لَهَا ابْن إِسْحَاق، وَقد فتشت أَحَادِيثه الْكَثِيرَة فَلم أَجدهَا تهيء أَن يقطع عَلَيْهِ بالضعف،