وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ عَن ابْن شهَاب عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك أخبرهُ أَن أَبَاهُ كَعْب بن مَالك كَانَ يحدث أَن رَسُول الله قَالَ إِنَّمَا نسمَة الْمُؤمن طَائِر تعلق فِي شجر الْجنَّة حَتَّى يرجعه الله إِلَى حَيَاة يَوْم يَبْعَثهُ قَالَ أَبُو عمر وَفِي رِوَايَة مَالك هَذِه بَيَان سَماع الزهرى لهَذَا الحَدِيث من عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يُونُس عَن الزهرى قَالَ سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك يحدث عَن أَبِيه وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الأوزاعى عَن الزهرى حَدَّثَنى عبد الرَّحْمَن بن كَعْب وَقد أعل مُحَمَّد بن يحيى الذهلى هَذَا الحَدِيث بِأَن شُعَيْب بن أَبى حَمْزَة وَمُحَمّد بن أخى الزهرى وَصَالح بن كيسَان رَوَوْهُ عَن الزهرى عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب بن مَالك عَن جده كَعْب فَيكون مُنْقَطِعًا وَقَالَ صَالح بن كيسَان عَن ابْن شهَاب عَن عبد الرَّحْمَن انه بلغه أَن كَعْبًا بن مَالك كَانَ يحدث قَالَ الذهلى وَهَذَا الْمَحْفُوظ عندنَا وَهُوَ الذى يُشبههُ حَدِيث صَالح وَشُعَيْب وَابْن أخى الزهرى وَخَالفهُ فِي هَذَا غَيره من الْحفاظ فحكموا لمَالِك والأوزاعى قَالَ أَبُو عمر فاتفق مَالك وَيُونُس بن يزِيد والأوزاعى والْحَارث بن فُضَيْل على رِوَايَة هَذَا الحَدِيث عَن الزهرى عَن عبد الرَّحْمَن ابْن كَعْب بن مَالك عَن أَبِيه وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيره
قَالَ أَبُو عمر وَلَا وَجه عندى لما قَالَه مُحَمَّد بن يحيى من ذَلِك وَلَا دَلِيل عَلَيْهِ واتفاق مَالك وَيُونُس بن زيد والأوزاعى وَمُحَمّد بن إِسْحَاق أولى بِالصَّوَابِ وَالنَّفس إِلَى قَوْلهم وروايتهم أسكن وهم من الْحِفْظ والاتقان بِحَيْثُ لَا يُقَاس بهم من خالفهم فِي هَذَا الحَدِيث انْتهى وَقد قَالَ مُحَمَّد الذهلى سَمِعت على بن المدينى يَقُول ولد كَعْب خَمْسَة عبد الله وَعبيد الله ومعبد وَعبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد قَالَ الذهلى فَسمع الزهرى من عبد الله بن كَعْب وَكَانَ قَائِد أَبِيه حِين عمى وَسمع من عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب وروى عَن بشير بن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب وَلَا أرَاهُ سمع مِنْهُ انْتهى فَالْحَدِيث ان كَانَ لعبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه كَعْب كَمَا قَالَ مَالك وَمن مَعَه فَظَاهر وَإِن كَانَ لعبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب عَن جده كَمَا قَالَ شُعَيْب وَمن مَعَه فنهايته أَن يكون مُرْسلا من هَذَا الطَّرِيق وموصولا من الْأُخْرَى وَالَّذين وصلوه لَيْسُوا بِدُونِ الَّذين أَرْسلُوهُ قدرا وَلَا عددا فَالْحَدِيث من صِحَاح الْأَحَادِيث وَإِنَّمَا لم يُخرجهُ صاحبا الصَّحِيح لهَذِهِ الْعلَّة وَالله أعلم
قَالَ أَبُو عَمْرو أما قَوْله نسمَة الْمُؤمن فالنسمة هَا هُنَا الرّوح يدل على ذَلِك قَوْله فِي الحَدِيث نَفسه حَتَّى يرجعه الله إِلَى جسده يَوْم يَبْعَثهُ وَقيل النَّسمَة الرّوح وَالنَّفس وَالْبدن وأصل هَذِه اللَّفْظَة اعنى النَّسمَة الانسان بِعَيْنِه وَإِنَّمَا قيل للروح نسمَة وَالله أعلم لِأَن حَيَاة الانسان بِرُوحِهِ وَإِذا فَارقه عدم أَو صَار كَالْمَعْدُومِ وَالدَّلِيل على أَن النَّسمَة الانسان قَوْله من أعتق نسمَة مُؤمنَة وَقَول على رضى الله عَنهُ والذى فلق الْحبَّة وبرأ النَّسمَة وَقَالَ الشَّاعِر
فأعظم مِنْك تقى فِي الْحساب ... إِذا النسمات نفضن الغبارا