فِي النَّار فَجَاءَتْهُ دمعته الَّتِي قد بَكَى من خشيَة الله عز وَجل فاستنقذته من ذَلِك وَرَأَيْت رجلا من أمتى قَائِما على الصِّرَاط يرعد كَمَا ترْعد السعفة فِي ريح عاصف فَجَاءَهُ حسن ظَنّه بِاللَّه عز وَجل فسكن روعه وَمضى وَرَأَيْت رجلا من أمتى يزحف على الصِّرَاط يحبو أَحْيَانًا وَيتَعَلَّق أَحْيَانًا فَجَاءَتْهُ صلَاته فأقامته على قَدَمَيْهِ وأنقذته وَرَأَيْت رجلا من أمتى انْتهى إِلَى أَبْوَاب الْجنَّة فغلقت الْأَبْوَاب دونه فَجَاءَتْهُ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله ففتحت لَهُ الْأَبْوَاب وأدخلته الْجنَّة قَالَ الْحَافِظ أَبُو مُوسَى هَذَا حَدِيث حسن جدا رَوَاهُ عَن سعيد بن الْمسيب وَعمر بن ذَر وعَلى ابْن زيد بن جدعَان
وَنَحْو هَذَا الحَدِيث مِمَّا قيل فِيهِ أَن رُؤْيا الْأَنْبِيَاء وحى فَهُوَ على ظَاهرهَا لَا كنحو مَا روى عَنهُ أَنه قَالَ رَأَيْت كَأَن سَيفي انْقَطع فَأَوَّلْته كَذَا وَكَذَا وَرَأَيْت بقرًا تنحر وَرَأَيْت كأنا فِي دَار عقبَة بن رَافع
وَقد روى فِي رُؤْيَاهُ الطَّوِيلَة من حَدِيث سَمُرَة فِي الصَّحِيح وَمن حَدِيث على وأبى أُمَامَة وَرِوَايَات هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة قريب بَعْضهَا من بعض مُشْتَمِلَة على ذكر عقوبات جمَاعَة من الْمُعَذَّبين فِي البرزخ فَأَما فِي هَذِه الرِّوَايَة فَذكر الْعقُوبَة وأنبعها بِمَا يُنجى صَاحبهَا من الْعَمَل وراوى هَذَا الحَدِيث عَن ابْن الْمسيب هِلَال أَبُو جبلة مدنى لَا يعرف بِغَيْر هَذَا الحَدِيث ذكره ابْن أَبى حَاتِم عَن ابيه هَكَذَا ذكره الْحَاكِم أَبُو أَحْمد وَالْحَاكِم أَبُو عبد الله أَبُو جبل بِلَا هَاء وحكياه عَن مُسلم وَرَوَاهُ عَنهُ الْفرج بن فضَالة وَهُوَ وسط فِي الرِّوَايَة لَيْسَ بالقوى وَلَا الْمَتْرُوك وَرَوَاهُ عَنهُ بشر ابْن الْوَلِيد الْفَقِيه الْمَعْرُوف بأبى الْخَطِيب كَانَ حسن الْمَذْهَب جميل الطَّرِيقَة وَسمعت شيخ الْإِسْلَام يعظم أَمر هَذَا الحَدِيث وَقَالَ أصُول السّنة تشهد لَهُ وَهُوَ من أحسن الْأَحَادِيث
وهى أَن السُّؤَال فِي الْقَبْر هَل هُوَ عَام فِي حق الْمُسلمين وَالْمُنَافِقِينَ وَالْكفَّار أَو يخْتَص بِالْمُسلمِ وَالْمُنَافِق
قَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر فِي كتاب التَّمْهِيد والْآثَار الدَّالَّة تدل على أَن الْفِتْنَة فِي الْقَبْر لَا تكون إِلَّا لمُؤْمِن أَو مُنَافِق كَانَ مَنْسُوبا إِلَى أهل الْقبْلَة وَدين الْإِسْلَام بِظَاهِر الشَّهَادَة وَأما الْكَافِر الجاحد الْمُبْطل فَلَيْسَ مِمَّن يسْأَل عَن ربه وَدينه وَنبيه وَإِنَّمَا يسْأَل عَن هَذَا أهل الْإِسْلَام فَيثبت الله الَّذين آمنُوا ويرتاب المبطلون