ردوا روح عَبدِي إِلَى الأَرْض فَإِنِّي وعدتهم أَنى أردهم فِيهَا ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وفيهَا نعيدكم وَمِنْهَا نخرجكم تَارَة أُخْرَى} فَإِذا وضع الْمُؤمن فِي قَبره فتح لَهُ بَاب عِنْد رجلَيْهِ إِلَى الْجنَّة فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَا أعد الله لَك من الثَّوَاب وَيفتح لَهُ بَاب عِنْد رَأسه إِلَى النَّار فَيُقَال لَهُ أنظر مَا صرف الله عَنْك من الْعَذَاب ثمَّ يُقَال لَهُ نم قرير الْعين فَلَيْسَ شَيْء أحب إِلَيْهِ من قيام السَّاعَة وَقَالَ رَسُول الله إِذا وضع الْمُؤمن فِي لحده تَقول لَهُ الأَرْض إِن كنت لحبيبا إِلَى وَأَنت على ظهرى فَكيف إِذا صرت الْيَوْم فِي بَطْني سأريك مَا أصنع بك فيفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره وَقَالَ رَسُول الله إِذا وضع الْكَافِر فِي قَبره أَتَاهُ مُنكر وَنَكِير فيجلسانه فَيَقُولَانِ لَهُ من رَبك فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ لَهُ لادريت فيضربانه ضَرْبَة فَيصير رَمَادا ثمَّ يُعَاد فيجلس فَيُقَال لَهُ مَا قَوْلك فِي هَذَا الرجل فَيَقُول أَي رجل فَيَقُولَانِ مُحَمَّد فَيَقُول قَالَ النَّاس أَنه رَسُول الله فيضربانه ضَرْبَة فَيصير رَمَادا
هَذَا حَدِيث ثَابت مَشْهُور مستفيض صَححهُ جمَاعَة من الْحفاظ وَلَا نعلم أحدا من أَئِمَّة الحَدِيث طعن فِيهِ بل رَوَوْهُ فِي كتبهمْ وتلقوه بِالْقبُولِ وجعلوه أصلا من أصُول الدّين فِي عَذَاب الْقَبْر ونعيمه ومساءلة مُنكر وَنَكِير وَقبض الْأَرْوَاح وصعودها إِلَى بَين يَدي الله ثمَّ رُجُوعهَا إِلَى الْقَبْر وَقَول أَبى مُحَمَّد لم يروه غير زَاذَان فَوَهم مِنْهُ بل رَوَاهُ عَن الْبَراء غير زَاذَان وَرَوَاهُ عَنهُ عدي بن ثَابت وَمُجاهد بن جُبَير وَمُحَمّد بن عقبَة وَغَيرهم وَقد جمع الدَّارَقُطْنِيّ طرقه فِي مُصَنف مُفْرد وزاذان من الثقاة روى عَن أكَابِر الصَّحَابَة كعمر وَغَيره وروى لَهُ مُسلم فِي صَحِيحه قَالَ يحيى بن معِين ثِقَة وَقَالَ حميد بن هِلَال وَقد سُئِلَ عَنهُ هُوَ ثِقَة لَا تسْأَل عَن مثل هَؤُلَاءِ وَقَالَ ابْن عدي أَحَادِيثه لَا بَأْس بهَا إِذا روى عَن ثِقَة
وَقَوله ان الْمنْهَال بن عَمْرو تفرد بِهَذِهِ الزِّيَادَة وَهِي قَوْله فتعاد روحه فِي جسده وَضَعفه فالمنهال أحد الثقاة الْعُدُول قَالَ ابْن معِين الْمنْهَال ثِقَة وَقَالَ الْعجلِيّ كُوفِي ثِقَة وَأعظم مَا قيل فِيهِ أَنه سمع من بَيته صَوت غناء وَهَذَا لَا يُوجب الْقدح فِي رِوَايَته واطراح حَدِيثه وتضعيف ابْن حزم لَهُ لَا شَيْء فَإِنَّهُ لم يذكر مُوجبا لتضعيفه غير تفرده بقوله فتعاد روحه فِي جسده وَقد بَينا أَنه لم يتفرد بهَا بل قد رَوَاهَا غَيره وَقد روى مَا هُوَ أبلغ مِنْهَا أَو نظيرها كَقَوْلِه فَترد إِلَيْهِ روحه وَقَوله فَتَصِير إِلَى قَبره فيستوي جَالِسا وَقَوله فيجلسانه وَقَوله فيجلس فِي قَبره وَكلهَا أَحَادِيث صِحَاح لَا مغمز فِيهَا وَقد أعل غَيره بِأَن زَاذَان لم يسمعهُ من الْبَراء وَهَذِه الْعلَّة بَاطِلَة فَإِن أَبَا عوَانَة الاسفرائيني رَوَاهُ فِي صَحِيحه بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ عَن أَبى عَمْرو زَاذَان الكندى قَالَ سَمِعت الْبَراء بن عَازِب وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو عبد الله بن مَنْدَه هَذَا إِسْنَاد مُتَّصِل مَشْهُور رَوَاهُ جمَاعَة عَن الْبَراء