أُولَئِكَ الَّذين صدقُوا وَأُولَئِكَ هم المتقون وَفِي أول الْأَنْفَال إِلَى قَوْله لَهُم دَرَجَات عِنْد رَبهم ومغفرة ورزق كريم وَفِي أول سُورَة الْمُؤمنِينَ إِلَى قَوْله هم فِيهَا خَالدُونَ وَفِي آخر سُورَة الْفرْقَان وَفِي قَوْله إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات إِلَى آخر الْآيَة وَفِي قَوْله أَلا إِن أَوْلِيَاء الله لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ الَّذين آمنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ وَفِي قَوْله وَمن يطع الله وَرَسُوله ويخش الله ويتقه فَأُولَئِك هم الفائزون وَفِي قَوْله إِلَّا الْمُصَلِّين الَّذين هم على صلَاتهم دائمون إِلَى قَوْله فِي جنَّات مكرمون وَفِي قَوْله التائبون العابدون الحامدون إِلَى آخر الْآيَة
فأولياء الرَّحْمَن هم المخلصون لرَبهم المحكمون لرَسُوله فِي الْحرم والحل الَّذين يخالفون غَيره لسنته وَلَا يخالفون سنته لغَيْرهَا فَلَا يبتدعون وَلَا يدعونَ إِلَى بِدعَة وَلَا يتحيزون إِلَى فِئَة غير الله وَرَسُوله وَأَصْحَابه وَلَا يتخذون دينهم لهوا وَلَعِبًا وَلَا يستحبون سَماع الشَّيْطَان على سَماع الْقُرْآن وَلَا يؤثرون صُحْبَة الأفتان على مرضاة الرَّحْمَن وَلَا المعازف والمثاني على السَّبع المثاني
بَرِئْنَا إِلَى الله من معشر ... بهم مرض مورد للضنا
وَكم قلت يَا قوم انتم على ... شفا جرف من سَماع الْغِنَا
فَلَمَّا استهانوا بتنبيهنا ... تركنَا غويا وَمَا قد جنا
وَهل يستجيب لداعي الْهدى ... غوى اصار الْغِنَا ديدنا
فعشنا على مِلَّة الْمُصْطَفى ... وماتوا على تأتنا تنتنا
وَلَا يشْتَبه أَوْلِيَاء الرَّحْمَن بأولياء الشَّيْطَان إِلَّا على فَاقِد البصيرة وَالْإِيمَان وأنى يكون المعرضون عَن كِتَابه وَهدى وَرَسُوله وسنته المخالفون لَهُ إِلَى غَيره أولياءه وَقد ضربوا لمُخَالفَته جاشا وَعدلُوا عَن هدى نبيه وطريقته وَمَا كَانُوا أولياءه إِن أولياؤه إِلَّا المتقون وَلَكِن أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ
فأولياء الرَّحْمَن المتلبسون بِمَا يُحِبهُ وليهم الداعون إِلَيْهِ المحاربون لمن خرج عَنهُ وأولياء الشَّيْطَان المتلبسون بِمَا يُحِبهُ وليهم قولا وَعَملا يدعونَ إِلَيْهِ ويحاربون من نَهَاهُم عَنهُ فَإِذا رَأَيْت الرجل يحب السماع الشيطاني ومؤذن الشَّيْطَان وإخوان الشَّيَاطِين وَيَدْعُو إِلَى مَا يبحه الشَّيْطَان من الشّرك والبدع والفجور علمت أَنه من أولياءه فَإِن اشْتبهَ عَلَيْك فاكشفه فِي ثَلَاثَة مَوَاطِن فِي صلَاته ومحبته للسّنة وَأَهْلهَا ونفرته عَنْهُم ودعوته إِلَى الله وَرُسُله وَتَجْرِيد التَّوْحِيد والمتابعة وتحكيم السّنة فزنه بذلك لَا تزنه يُحَال وَلَا كشف وَلَا خارق وَلَو مَشى على المَاء وطار فِي الْهَوَاء