الْحُرْمَة فَقلت لِأَصْحَابِنَا يَقع لي أَنه يَهُودِيّ فكلهم كره ذَلِك فَخرجت وَخرج الشَّاب ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِم فَقَالَ إيش قَالَ الشَّيْخ فأحتشموه فألح عَلَيْهِم فَقَالُوا قَالَ إِنَّك يَهُودِيّ فجَاء فأكب على يَدي فَأسلم فَقلت مَا السَّبَب فَقَالَ نجد فِي كتَابنَا أَن الصّديق لَا تخطىء فراسته فَقلت امتحن الْمُسلمين فتأملتهم فَقلت إِن كَانَ فيهم صديق فَفِي هَذِه الطَّائِفَة فَلبِست عَلَيْكُم فَلَمَّا اطلع هَذَا الشَّيْخ على وتفرسني علمت أَنه صديق وَهَذَا عُثْمَان بن عَفَّان دخل عَلَيْهِ رجل من الصَّحَابَة وَقد رأى امْرَأَة فِي الطَّرِيق فَتَأمل محاسنها فَقَالَ لَهُ عُثْمَان يدْخل على أحدكُم واثر الزِّنَا ظَاهر على عَيْنَيْهِ فَقلت أوحى بعد رَسُول الله فَقَالَ لَا وَلَكِن تبصرة وبرهان وفراسة صَادِقَة
فَهَذَا شَأْن الفراسة وَهِي نور يقذفه الله فِي الْقلب فيخطر لَهُ الشَّيْء فَيكون كَمَا خطر لَهُ وَينفذ إِلَى الْعين فَيرى مَالا يرَاهُ غَيرهَا
الْمُسلم من مُبْتَدع أَو فتان أَو غاش أَو مُفسد فَتذكر مَا فِيهِ إِذا استشارك فِي صحبته ومعاملته والتعلق بِهِ كَمَا قَالَ النَّبِي لفاطمة بنت قيس وَقد استشارته فِي نِكَاح مُعَاوِيَة وَأبي جهم فَقَالَ أما مُعَاوِيَة فصعلوك وَأما أَبُو جهم فَلَا يضع عَصَاهُ عَن عَاتِقه وَقَالَ بعض أَصْحَابه لمن سَافر مَعَه إِذا هَبَطت عَن بِلَاد قومه فأحذروه
فَإِذا وَقعت الْغَيْبَة على وَجه النَّصِيحَة لله وَرَسُوله وعباده الْمُسلمين فَهِيَ قربَة إِلَى الله من جملَة الْحَسَنَات وَإِذا وَقعت على وَجه ذمّ أَخِيك وتمزيق عرضه والتفكه بِلَحْمِهِ والغض مِنْهُ لتَضَع مَنْزِلَته من قُلُوب النَّاس فَهِيَ الدَّاء العضال ونار الْحَسَنَات الَّتِي تأكلها كَمَا تَأْكُل النَّار الْحَطب
قَصده بالرشوة التَّوَصُّل إِلَى إبِْطَال حق أَو تَحْقِيق بَاطِل فَهَذَا الراشي الملعون على لِسَان رَسُول الله فَإِن رشا لدفع الظُّلم عَن نَفسه اخْتصَّ المرتشي وَحده باللعنة
وَأما المهدى فقصده استجلاب الْمَوَدَّة والمعرفة وَالْإِحْسَان فَإِن قصد الْمُكَافَأَة فَهُوَ معاوض وَإِن قصد الرِّبْح فَهُوَ مستكثر