وروحه هِيَ الَّتِي دخلت وَخرجت وانتقلت وصرفت الْبدن وَجَعَلته تبعا لَهَا فِي الدُّخُول وَالْخُرُوج فَهُوَ لَهَا بِالْأَصْلِ وللبدن بالتبع كلنه للبدن بِالْمُشَاهَدَةِ وللروح بِالْعلمِ وَالْعقل
الْوَجْه الثَّامِن بعد الْمِائَة أَن النَّفس لَو كَانَت كَمَا يَقُوله أَنَّهَا عرض لَكَانَ الْإِنْسَان كل وَقت قد يُبدل مائَة ألف نفس أَو أَكثر وَالْإِنْسَان إِنَّمَا هُوَ إِنْسَان بِرُوحِهِ وَنَفسه لَا بِبدنِهِ وَكَانَ الْإِنْسَان الَّذِي هُوَ الْإِنْسَان غير الَّذِي قبله بلحظة وَبعده بلحظة وَهَذَا من نوع الهوس وَلَو كَانَت الرّوح مُجَرّدَة وتعلقها بِالْبدنِ بِالتَّدْبِيرِ فَقَط لَا بالمساكنة والمداخلة لم يمْتَنع أَن يَنْقَطِع تعلقهَا بِهَذَا الْبدن وتتعلق بِغَيْرِهِ كَمَا يجوز انْقِطَاع تَدْبِير الْمُدبر لبيت أَو مَدِينَة عَنْهَا وَيتَعَلَّق بتدبير غَيرهَا وعَلى هَذَا التَّدْبِير فنصير شاكين فِي أَن هَذِه النَّفس الَّتِي لزيد هِيَ النَّفس الأولى أَو غَيرهَا وَهل زيد هُوَ ذَلِك الرجل أم غَيره وعاقل لَا يجوز ذَلِك فَلَو كَانَت الرّوح عرضا أَو أمرا مُجَردا لحصل الشَّك الْمَذْكُور
الْوَجْه التَّاسِع بعد الْمِائَة أَن كل أحد يقطع أَن نَفسه مَوْصُوفَة بِالْعلمِ والفكر وَالْحب والبغض وَالرِّضَا والسخط وَغَيرهَا من الْأَحْوَال النفسانية وَيعلم أَن الْمَوْصُوف لَيْسَ بذلك عرضا من أَعْرَاض بدنه وَلَا جوهرا مُجَردا مُنْفَصِلا عَن بدنه غير مجاور لَهُ وَيقطع ضَرُورَة بِأَن هَذِه الإدراكات لأمر دَاخل فِي بدنه كَمَا يقطع بِأَنَّهُ إِذا سمع وَأبْصر وشم وذاق ولمس وتحرك وَسكن فَتلك أُمُور قَائِمَة بِهِ مُضَافَة إِلَى نَفسه وَأَن جَوْهَر النَّفس هُوَ الَّذِي قَامَ بِهِ ذَلِك كُله لم يقم بِمُجَرَّد وَلَا بِعرْض بل قَامَ بمتحيز دَاخل الْعَالم منتقل من مَكَان إِلَى مَكَان يَتَحَرَّك ويسكن وَيخرج وَيدخل وَلَيْسَ إِلَّا هَذَا الْبدن والجسم الساري فِيهِ المشابك لَهُ الَّذِي لولاه لَكَانَ بِمَنْزِلَة الجماد
الْوَجْه الْعَاشِر بعد الْمِائَة إِن النَّفس لَو كَانَت مُجَرّدَة وتعلقها بِالْبدنِ تعلق التَّدْبِير فَقَط كتعلق الملاح بالسفينة وَالْجمال بِحمْلِهِ لأمكنها ترك تَدْبِير هَذَا الْبدن واشتغالها بتدبير بدن آخر كَمَا يُمكن الملاح وَالْجمال ذَلِك وَفِي ذَلِك تَجْوِيز نقل النُّفُوس من أبدان إِلَى أبدان وَلَا يُقَال أَن النَّفس اتّحدت ببدنها فَامْتنعَ عَلَيْهَا الِانْتِقَال أَو أَنَّهَا لَهَا عشق طبيعي وشوق ذاتي إِلَى تَدْبِير هَذَا الْبدن فَلهَذَا السَّبَب امْتنع انتقالها لأَنا نقُول الِاتِّحَاد مَا لَا يتحيز بالمتحيز محَال وَلِأَنَّهَا لَو اتّحدت بِهِ لبطلت بِبُطْلَانِهِ وَلِأَنَّهَا بعد الِاتِّحَاد إِن بقيا فهما اثْنَان لَا وَاحِد وَإِن عدما مَعًا وَحدث ثَالِث فَلَيْسَ من الِاتِّحَاد فِي شَيْء وَإِن بَقِي أَحدهمَا وعد الآخر فَلَيْسَ باتحاد أَيْضا وَأما عشق النَّفس الطبيعي للبدن فَالنَّفْس إِنَّمَا تعشقه لِأَنَّهَا تتَنَاوَل اللَّذَّات بواسطته وَإِذا كَانَت الْأَبدَان مُتَسَاوِيَة فِي حُصُول مطلوبها كَانَت نسبتها إِلَيْهَا على السوَاء فقولكم أَن النَّفس