وَكَانَ سماك بن حَرْب قد ذهب بَصَره فرأي إِبْرَاهِيم الْخَلِيل فِي الْمَنَام فَمسح على عَيْنَيْهِ وَقَالَ اذْهَبْ إِلَى الْفُرَات فتنغمس فِيهِ ثَلَاثًا فَفعل فأبصر
وَكَانَ إِسْمَاعِيل بن بِلَال الْحَضْرَمِيّ قد عمى فَأتى فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ قل يَا قريب يَا مُجيب يَا سميع الدُّعَاء يَا لطيف بِمن يَشَاء رد على بَصرِي فَقَالَ اللَّيْث بن سعد أَنا رَأَيْته قد عمى ثمَّ أبْصر
وَقَالَ عبيد الله بن أبي جَعْفَر اشتكيت شكوى فجهدت مِنْهَا فَكنت أَقرَأ آيَة الْكُرْسِيّ فَنمت فَإِذا رجلَانِ قائمان بَين يَدي فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه أَن يقْرَأ آيَة فِيهَا ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ رَحْمَة أَفلا يُصِيب هَذَا الْمِسْكِين فِيهَا رَحْمَة وَاحِدَة فأستيقظت فَوجدت خفَّة
قَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا اعتلت امْرَأَة من أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح بوجع المعده فرأت فِي الْمَنَام قَائِلا يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله المغلي وشراب الْورْد فَشَربته فَأذْهب الله عَنْهَا مَا كَانَت تَجِد
قَالَ وَقَالَت أَيْضا رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنِّي أَقُول السناء وَالْعَسَل وَمَاء الحمص الْأسود شِفَاء لوجع الْأَوْرَاك فَلَمَّا استيقظت أَتَتْنِي امْرَأَة تَشْكُو وجعا بوركها فوصفت لَهَا ذَلِك فأستنفعت بِهِ
وَقَالَ جالينوس السَّبَب الَّذِي دَعَاني إِلَى فصد الْعُرُوق الضوارب أَنِّي أمرت بِهِ فِي مَنَامِي مرَّتَيْنِ قَالَ كنت إِذْ ذَاك غُلَاما قَالَ وَأعرف إنْسَانا شفَاه الله من وجع كَانَ بِهِ فِي جنبه بفصد الْعرق الضَّارِب لرؤيا رَآهَا فِي مَنَامه
وَقَالَ ابْن الخراز كنت أعالج رجلا ممعودا فَغَاب عني ثمَّ لَقيته فَسَأَلته عَن حَاله فَقَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام إنْسَانا فِي زِيّ ناسك متوكئا على عَصا وقف عَليّ وَقَالَ أَنْت رجل ممعود فَقلت نعم فَقَالَ عَلَيْك بالكباء والجلنجبين فَأَصْبَحت فَسَأَلت عَنْهُمَا فَقيل لي الكباء المصطكي والجلنجبين الْورْد المربي بالعسل فأستعملتهما أَيَّامًا فبرأت فَقلت لَهُ ذَلِك جالينوس
والوقائع فِي هَذَا الْبَاب أَكثر من أَن تذكر قَالَ بعض النَّاس إِن أصل الطِّبّ من المنامات وَلَا ريب أَن كثيرا من أُصُوله مُسْتَند إِلَى الرُّؤْيَا كَمَا أَن بَعْضهَا عَن التجارب وَبَعضهَا عَن الْقيَاس وَبَعضهَا عَن الْهَام وَمن أَرَادَ الْوُقُوف على ذَلِك فَلْينْظر فِي تَارِيخ الْأَطِبَّاء وَفِي كتاب الْبُسْتَان للقيرواني وَغير ذَلِك
إِن الَّذين كسبوا بِآيَاتِنَا واستكبروا عَنْهَا لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء وَهَذَا دَلِيل على أَن الْمُؤمنِينَ تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء وَهَذَا التفتيح هُوَ تفتيحها لأرواحهم