قَالَ ابْن الْبر ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ من مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَام صَامَ عَنهُ وليه وَصَححهُ الإِمَام أَحْمد وَذهب إِلَيْهِ وعلق الشَّافِعِي القَوْل بِهِ على صِحَّته فَقَالَ وَقد روى عَن النَّبِي فِي الصَّوْم عَن الْمَيِّت شَيْء فَإِن كَانَ ثَابتا صيم عَنهُ كَمَا يحجّ عَنهُ وَقد ثَبت بِلَا شكّ فَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي كَذَلِك قَالَ غير وَاحِد من أَئِمَّة أَصْحَابه قَالَ البيهقى بعد حكايته هَذَا اللَّفْظ عَن الشَّافِعِي قد ثَبت جَوَاز الْقَضَاء عَن الْمَيِّت بِرِوَايَة سعيد بن جُبَير وَمُجاهد وَعَطَاء وَعَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس وَفِي رِوَايَة أَكْثَرهم إِن امْرَأَة سَأَلت فَأشبه أَن تكون غير قصَّة أم سعد وَفِي رِوَايَة بَعضهم صومي عَن أمك وَسَيَأْتِي تَقْرِير ذَلِك عِنْد الْجَواب عَن كَلَامه رَحمَه الله
وقولكم أَنه معَارض بِنَصّ الْقُرْآن وَهُوَ قَوْله {وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى} إساءة أدب فِي اللَّفْظ وَخطأ عَظِيم فِي الْمَعْنى وَقد أعاذ الله رَسُوله أَن تعَارض سنته لنصوص الْقُرْآن بل تعاضدها وتؤيدها ويالله مَا يصنع التعصب ونصرة التَّقْلِيد وَقد تقدم من الْكَلَام على الْآيَة مَا فِيهِ كِفَايَة وَبينا أَنَّهَا لَا تعَارض بَينهَا وَبَين سنة رَسُول الله بِوَجْه وَإِنَّمَا يظنّ التَّعَارُض من سوء الْفَهم وَهَذِه طَريقَة وخيمة ذميمة وَهِي رد السّنَن الثَّابِتَة بِمَا يفهم من ظَاهر الْقُرْآن وَالْعلم كل الْعلم تَنْزِيل السّنَن على الْقُرْآن فَإِنَّهَا مُشْتَقَّة مِنْهُ ومأخوذة عَمَّن جَاءَ بِهِ وَهِي بَيَان لَهُ لَا أَنَّهَا مناقضة لَهُ
وقولكم أَنه معَارض بِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَن النَّبِي انه قَالَ لَا يصلى أحد عَن أحد وَلَا يَصُوم أحد عَن أحد وَلَكِن يطعم عَنهُ كل يَوْم مد من حِنْطَة فخطأ قَبِيح فَإِن النَّسَائِيّ رَوَاهُ هَكَذَا أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع حَدثنَا حجاج الْأَحول حَدثنَا أَيُّوب بن مُوسَى عَن عَطاء بن أَبى رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس رضى الله عَنْهُمَا قَالَ لَا يصلى أحد عَن أحد وَلَا يَصُوم أحد عَن أحد وَلَكِن يطعم عَنهُ مَكَان كل يَوْم مد من حِنْطَة هَكَذَا رَوَاهُ قَول ابْن عَبَّاس لَا قَول رَسُول الله فَكيف يُعَارض قَول رَسُول الله بقول ابْن عَبَّاس ثمَّ يقدم عَلَيْهِ مَعَ ثُبُوت الْخلاف عَن ابْن عَبَّاس رضى الله عَنْهُمَا وَرَسُول الله لم يقل هَذَا الْكَلَام قطّ وَكَيف يَقُوله وَقد ثَبت عَنهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنه قَالَ من مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَام صَامَ عَنهُ وليه وَكَيف يَقُوله وَقد قَالَ فِي حَدِيث بُرَيْدَة الَّذِي رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه أَن امْرَأَة قَالَت لَهُ إِن أمى مَاتَت وَعَلَيْهَا صَوْم شهر قَالَ صومي عَن أمك
وَأما قَوْلكُم انه معَارض بِحَدِيث ابْن عمر رضى الله عَنْهُمَا من مَاتَ وَعَلِيهِ صَوْم رَمَضَان يطعم عَنهُ فَمن هَذَا النمط فَإِنَّهُ حَدِيث بَاطِل على رَسُول الله