على هَذَا القَوْل من كتاب وَلَا سنة يجب التَّسْلِيم لَهَا وَلَا قَول صَاحب يوثق بِهِ وَلَيْسَ بِصَحِيح فَإِن تِلْكَ الْبِئْر لَا تسع أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ جَمِيعهم وَهُوَ مُخَالف لما ثَبت بِهِ السّنة الصَّرِيحَة من أَن نسمَة الْمُؤمن طَائِر يعلق فِي شجر الْجنَّة
وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا من أبطل الْأَقْوَال وأفسدها وَهُوَ أفسد من قَول من قَالَ أَنَّهَا بالجابية فَإِن ذَلِك مَكَان متسع فضاء بِخِلَاف الْبِئْر الضيقة
حَيْثُ شَاءَت فَهَذَا مروى عَن سلمَان الْفَارِسِي والبرزخ هُوَ الحاجز بَين شَيْئَيْنِ وَكَأن سلمَان أَرَادَ بهَا فِي أَرض بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة مُرْسلَة هُنَاكَ تذْهب حَيْثُ شَاءَت وَهَذَا قَول قوى فَإِنَّهَا قد فَارَقت الدُّنْيَا وَلم تلج الْآخِرَة بل هِيَ فِي برزخ بَينهمَا فأرواح الْمُؤمنِينَ فِي برزخ وَاسع فِيهِ الرّوح وَالريحَان وَالنَّعِيم وأرواح الْكفَّار فِي برزخ ضيق فِيهِ الْغم وَالْعَذَاب قَالَ تَعَالَى {وَمن ورائهم برزخ إِلَى يَوْم يبعثون} فالبرزخ هُنَا مَا بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأَصله الحاجز بَين الشَّيْئَيْنِ
عَن يسَاره فلعمر وَالله لقد قَالَ قولا يُؤَيّدهُ الحَدِيث الصَّحِيح وَهُوَ حَدِيث الْإِسْرَاء فان النَّبِي رَآهُمْ كَذَلِك وَلَكِن لَا يدل على تعادلهم فِي الْيَمين وَالشمَال بل يكون هَؤُلَاءِ عَن يَمِينه فِي الْعُلُوّ وَالسعَة وَهَؤُلَاء عَن يسَاره فِي السّفل والسجن
وَقد قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن حزم ان ذَلِك البرزخ الَّذِي رَآهُ فِيهِ رَسُول الله لَيْلَة أسرى بِهِ عِنْد سَمَاء الدُّنْيَا قَالَ وَذَلِكَ عِنْد مُنْقَطع العناصر قَالَ وَهَذَا يدل على أَنَّهَا عِنْده تَحت السَّمَاء حَيْثُ تَنْقَطِع العناصر وَهِي المَاء وَالتُّرَاب وَالنَّار والهواء
وَهُوَ دَائِما يشنع على من قَالَ قولا لَا دَلِيل عَلَيْهِ فَأَي دَلِيل لَهُ على هَذَا القَوْل من كتاب وَسنة وَسَيَأْتِي إشباع الْكَلَام على قَوْله إِذا انتهينا إِلَيْهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
فَإِن قيل فَإِذا كَانَت أَرْوَاح أهل السعاده عَن يَمِين آدم وآدَم فِي السَّمَاء الدُّنْيَا وَقد ثَبت أَن