- وأظنك أيها القارىء الكريم، تتفق معي - إنه قبل عشر سنوات تقريبا، لم نسمع عن حوادث المس من الجن إلا نادرا.
فالجن مكلفون مثل الإنس، ولم يجعل الله لهم سبيلا على الإنس إلا من تولاهم فيزيدونهم رهقا. وإنما الذي يحدث لبعض الناس من الخبثاء منهم، إما لاستحسان صورة، أو لقصد الأذى للمسلم، وهو نادر؟ مثل ما يحدث من شرار الإنس من أذية لإخوانهم.
فهذا الشاذ من الإنس يعالج من قبل الحاكم الشرعي، ومن المسؤول عن الأمن. وذاك الخبيث من الجن يعالج بالقرآن ممن يقرأ كتاب الله، وتنتهي القضية في الجهة التي وقعت فيها، فلا يشد الرحل من بلد إلى بلد، إلى فلان أو علان لأنه هو الذي يرقي. لأن الرقية بالقرآن والسنة. وفي كل مكان يوجد من يقرأ القرآن، ومن هو صاحب صلاح وتقوى.
- ولكن بعد فتح هذه العيادات، وتنافس المتنافسون فيها لطلب الرزق وجمع الأموال. أطلقت الجن من سجونها على الناس، بهذه الدعايات، ولكن الواقع أيها القارىء الكريم - يثبت أن الجن لم تسلط على الإنس بهذه الكثرة وإنما الذي يحدث منهم هو الشيء النادر كما كان قبل فتح هذه العيادات، وهذا بشهادة أحد أصحاب هذه العيادات، فقد تبين له بعد تجربته الطويلة، وقد كان هو نفسه يذكر حكايات كثيرة جدا عن الجن وما يفعلونه. ولكن اتضح له بعد ذلك أن أكثر من يعالجهم من الرجال والنساء، لا يوجد بهم مس، وإنما عندهم أمراض نفسانية وهستريا، قد تخدع الإنسان نفسه، أو من يعالجه، فيظن أنه مصاب بمس، والواقع خلافه، وإن المصاب بالمس قليل جدا، بل إن المذكور تجاوز إلى أن أدعى أن الجني لا يتلبس الإنسي، إلا في حالة واحدة وهي المسمى- بالزّار. ونحن نوافقه في الشطر الأول، وهو أن الكثرة الكاثرة من هؤلاء عندهم