قَالَ: ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى رِحَالِنَا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا غَدَتْ عَلَيْنَا أَجِلَّهُ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ، إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا عَنْكُمْ، وَلا نَدْرِي أَحَقٌّ هُوَ أَمْ بَاطِلٌ؟ إِنَّكُمْ لا قَوْمَ أَبْغَضُ إِلَيْنَا مِنْ أَنْ يَنْشُبَ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مِنْكُمْ.
قَالَ: فَانْبَعَثَ مَنْ كَانَ مَعَنَا مِنْ قَوْمِنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا عَلِمُوا وَلا فَعَلُوا، قَالَ: وَقَدْ صَدَقُوا، ثُمَّ أَتَوْا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ وَبِهِ بَدَأُوا، وَكَانَ سَيِّدَ الْخَزْرَجِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْ هَذَا بِشَيْءٍ، وَلَوْ كَانَ فِي قَوْمِي مِثْلَ هَذَا مَا غَيَّبُوهُ عَنِّي، قَالَ: ثُمَّ تَنَطَّسُوا الْخَبَرَ فَوَجَدُوا ذَلِكَ قَدْ كَانَ، بَعْدَ أَنْ خَرَجَ الْقَوْمُ، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِمْ، فَأَدْرَكُوا الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو، وَسَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ بِأَذَاخِرَ، وَأَخَذُوا سَعْدًا، وَأُفْلِتَ الْمُنْذِرُ، حَتَّى خَلَّصَهُ الْحَرْبُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ لِجِوَارٍ مَتَّ بِهِ إِلَيْهِمَا.
وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ قُرَيْشٍ أَنْ: " يَلْحَقُوا بِإِخْوَانِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، فَتَسَلَّلُوا إِلَيْهِمْ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ خَرَجَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ بْنِ هِلالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، خَرَجَ مُرْتَحِلا مَعَهُ ابْنُهُ سَلَمَةُ وَامْرَأَتُهُ أُمَّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةَ، فَلَمَّا جَازَ بِبَنِي الْمُغِيرَةِ قَامُوا إِلَيْهِ، فَقَالُوا: هَذَا غلبتنا عَلَى نَفْسِكَ، أَرَأَيْتَ صَاحِبَتَنَا، عَلامَ نُخَلِّي بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا تَسِيرُ بِهَا فِي