ذَكَرَهُ لِي مَنْ لا أَتَّهِمُ أَنَّهُ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ حِبَالا، وَإِنَّا قَاطِعُوهَا، فَهَلْ عَسَيْتَ إِنْ نَحْنُ بَايَعْنَاكَ وَخَرَجْنَا مَعَكَ، ثُمَّ نَصَرَكَ اللَّهُ وَأَظْهَرَكَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى قَوْمِكَ وَتَدَعَنَا؟ قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «الدَّمُ الدَّمُ، وَالْهَدْمُ الْهَدْمُ، وَأَنَا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنِّي، أُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ، وَأُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ» .
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ تَكَلَّمَ لَيْلَتَئِذٍ مَعَ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رُوَاحَةَ , وَأَنَّ عَبَّاسَ بْنَ عُبَادَةَ بْنَ نَضْلَةَ، قَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَئِنْ أَحْبَبْتَ لَنَصْبَحَنَّ أَهْلَ مِنًى غَدًا بِأَسْيَافِنَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمْ نُؤْمَرْ بِذَلِكَ» ، فَلَمَّا ضَرَبَ عَلَى أَيْدِيهِمْ صَرَخَ أَزَبُّ الْعَقَبَةِ بِأَعْلَى صَوْتِهِ، بِأَصْلَبِ صَوْتٍ سَمِعْتُهُ قَطُّ: يَا أَهْلَ الْجُبَاجِبِ هَلْ لَكُمْ فِي مُحَمَّدٍ وَالصُّبَاةِ مَعَهُ، قَدْ بَايَعُوا عَلَى حَرْبِكُمْ؟ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا أَزَبُّ الْعَقَبَةِ، هَذَا ابْنُ أَزْيَبٍ، وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ مِنْهُ بَأْسٌ، قَدْ عَلِمَ مَكَانَكُمْ، فَانْفَضُّوا إِلَى رِحَالِكُمْ» ، قَالَ: ثُمَّ نَادَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا ابْنَ أَزْيَبٍ، أَمَا وَاللَّهِ لأَفْرُغَنَّ لَكَ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ» ،