الكامل على إرساله إلى المدينة النبوية، وأن يباشر قتله بذاك المحل الشريف، فلما وصل أقيم ونودى على فعلته بين الناس فتهادته السيوف!!
أما هارون الرشيد فقد حكى عنه العالم أبو معاوية الضرير: كنت أقرأ على أمير المؤمنين الحديث، وكنت كلما قلت قال رسول الله قال: صلى الله على سيدى ومولاى. حتى ذكرت حديث «التقى آدم وموسى» .
فقال عمه: أين التقيا؟
قال: فغضب هارون، وقال: من طرح إليك هذا؟ وأمر به فحبس.
قال: فدخلت عليه فى الحبس، فحلف لى بمغلظات الأيمان، ما سمعت من أحد ولا جرى بينى وبين أحد فى هذا كلام.
فرجعت إلى أمير المؤمنين وأخيرته فأمر به فأطلق من الحبس!!!
وقال لى هارون: توهّمت أنه طرح إليه بعض الملحدين هذا الكلام الذى خرج منه، فيدلنى عليهم فأستبيحهم.
ما ذكره الشيخ أحمد شاكر- رحمه الله- عن أحد خطباء مصر، وكان فصيحا متكلما مقتدرا، وأراد هذا الخطيب أن يمدح أحد أمراء مصر عندما أكرم طه حسين، فقال فى خطبته: «جاءه الأعمى فما عبس بوجهه وما تولى! فما كان من الشيخ محمد شاكر- والد الشيخ أحمد شاكر- إلا أن قام بعد الصلاة يعلن للناس أن صلاتهم باطلة، وعليهم إعادتها لأن الخطيب كفر بما شتم رسول الله صلّى الله عليه وسلم. يقول أحمد شاكر فى كلمة حق: «ولكن الله لم يدع لهذا المجرم جرمه فى الدنيا، قبل أن يجزيه جزاءه فى الآخرى، فأقسم بالله لقد رأيته بعيني رأسى- بعد بضع سنين، وبعد أن كان عاليا منتفخا، مستعزّا بمن لاذ بهم من العظماء والكبراء- رأيته مهينا ذليلا، خادما على باب مسجد من مساجد القاهرة، يتلقى نعال المصلين يحفظها فى ذلة وصغار، حتى لقد خجلت أن يرانى، وأنا أعرفه وهو يعرفنى، لا شفقة عليه؛ فما كان موضعا للشفقة، ولا شماتة فيه؛ فالرجل النبيل يسمو على الشماتة، ولكن لما رأيت من عبرة وعظة» .