إلى أن قال: «إذا فلنضرب صفحا عن مذهب الجائرين أن محمدا كاذب، ونعد موافقتهم عارا، وسبة، وسخافة، وحمقا؛ فلنربأ بأنفسنا عنه» .
إلى أن قال: «وإن دينا آمن به أولئك العرب الوثنيون، وأمسكوه بقلوبهم النارية لجدير أن يكون حقا، وجدير أن يصدق به.
وإنما أودع هذا الدين من القواعد هو الشيء الوحيد الذى للإنسان أن يؤمن به.
وهذا الشيء هو روح جميع الأديان، وروح تلبس أثوابا مختلفة، وأثوابا متعددة، وهى فى الحقيقة شيء واحد.
وباتباع هذه الروح يصبح الإنسان إماما كبيرا لهذا المعبد الأكبر- الكون- جاريا على قواعد الخالق، تابعا لقوانينه، لا مجادلا عبثا أن يقاومها ويدافعها.
لقد جاء الإسلام على تلك الملل الكاذبة، والنحل الباطلة، فابتلعها، وحق له أن يبتلعها؛ لأنه حقيقة، وما كان يظهر الإسلام حتى احترقت فيه وثنيات العرب، وجدليات النصرانية، وكل ما لم يكن بحق؛ فإنها حطب ميت» .
إلى أن قال: «أيزعم الأفّاكون الجهلة أنه مشعوذ ومحتال؟
كلا، ثم كلا، ما كان قط ذلك القلب المحتدم الجائش كأنه تنور فكر يتأجج- ليكون قلب محتال ومشعوذ، لقد كانت حياته فى نظره حقّا، وهذا الكون حقيقة رائعة كبيرة» .
إلى أن قال: «مثل هذه الأقوال، وهذه الأفعال ترينا فى محمد أخ الإنسانية الرحيم، أخانا جميعا الرؤوف الشفيق، وابن أمنا الأولى، وأبينا الأول.
وإننى لأحب محمدا لبراءة طبعه من الرياء والتصنع، ولقد كان ابن القفار رجلا مستقل الرأى، لا يقول إلا عن نفسه، ولا يدّعى ما ليس فيه، ولم يكن متكبرا، ولكنه لم يكن ذليلا ضارعا، يخاطب بقوله الحرّ المبين قياصرة الروم وأكاسرة العجم، يرشدهم إلى ما يجب عليهم لهذه الحياة، وللحياة الآخرة،