الثالث: أن القرآن أخبر بإنزال الكتب السماوية، وأنّها من عند الله، وأمر بالإيمان بها كما سبق بيانه.

والمهيمن في لغة العرب تطلق ويراد بها القائم على الشيء (?) ، وهو اسم من أسماء الله تعالى، ذلك أنّ الله تعالى قائم على شؤون خلقه، تصريفاً وتدبيراً ورعاية.

والقرآن قائم على الكتب السماوية التي أنزلت من قبل يأمر بالإيمان بها، ويبين ما فيها من حق، وينفي التحريف والتغيير الذي طرأ عليها، وهو حاكم على تلك الكتب لأنّه الرسالة الإلهية الأخيرة التي يجب المصير إليها، والرجوع إليها، والتحاكم إليها، وكل ما خالفها مما جاء في الرسالات السابقة فهو إمّا محّرف مغيَّر، وإمّا منسوخ.

يقول ابن كثيرة - رحمه الله - تعالى - بعد أن ذكر أقوال السلف في معنى كلمة مهيمن: " وهذه الأقوال كلها متقاربة المعنى، فإنّ اسم المهيمن يتضمن هذا كلّه، فهو أمين وشاهد وحاكم على كلّ كتاب قبله، جعل الله هذا الكتاب العظيم الذي أنزله آخر الكتب وخاتمها أشملها وأعظمها وأكملها حيث جمع فيه محاسن ما قبله، وزاده من الكمالات ما ليس في غيره، فلهذا جعله شاهداً وأميناً وحاكماً عليها كلها (?) .

وهذا يقتضي أن يجعل هذا الكتاب هو المرجع الأول والأخير في التعرف على الدين الذي يريده الله تعالى، ولا يجوز أن نحاكم القرآن إلى الكتب السماوية السابقة كما يفعل الضالون من اليهود والنصارى (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ - لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [فصلت: 41-42] .

عدم حاجة الشريعة الخاتمة إلى غيرها:

الشريعة الإلهية الخاتمة لا تحتاج إلى شريعة سابقة عليها، ولا إلى شريعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015