المطلب الثالث
النصوص التي تنهى عن التفضيل بين الأنبياء
وردت أحاديث تنهى المسلمين عن تفضيل بعض النبيين على بعض، فمن ذلك ما رواه أبو سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " لا تخيروا بين الأنبياء " (?) وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تفضلوا بين أنبياء الله " (?) . أي: لا تقولوا: فلان خير من فلان، ولا فلان أفضل من فلان، يقال: خيَّر فلان بين فلان وفلان، وفضل بينهما، إذا قال ذلك.
فهذه الأحاديث لا تعارض النصوص القرآنية التي تدلُّ على أنّ الله فضّل بعض الأنبياء على بعض، وبعض المرسلين على بعض، وينبغي أن يحمل النهي الذي ورد في الأحاديث على النهي عن التفضيل إذا كان على وجه الحميّة والعصبية والانتقاص، أو كان هذا التفضيل يؤدي إلى خصومة أو فتنة (?) ، يدلنا على هذا سبب الحديث، ففي صحيح البخاري وغيره عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: " استبَّ رجل من المسلمين ورجل من اليهود، فقال المسلم: والذي اصطفى محمداً صلى الله عليه وسلم على العالمين، فقال اليهودي: والذي اصطفى موسى على العالمين، فرفع المسلم عند ذلك يده، فلطم وجه اليهودي، فذهب اليهودي عن ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره بما كان من أمره وأمر المسلم، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فأخبره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تخيروني على موسى، فإن الناس يصعقون، يوم القيامة، فأصعق معهم، فأكون