البويطي كان يقول: الربيع أثبت في الشافعي مني، وقد سمع أبو زرعة الرازي كتب الشافعي كلها من الربيع قبل موت البويطي بأربع سنين ".
انظر التهذيب للحافظ ابن حجر (3: 246) .
وقد يظن بعض القارئين أني أقسو في الرد على الدكتور، ومعاذ الله أن أقصد إلى ذلك، وهو الاخ الصادق الود، ولكن ماذا أصنع؟ وهو يرمي أوثق رواة كتب الشافعي - الربيع المرادي - بالكذب على الشافعي، ثم ينتصر لرأيه، ويسرف في ذلك، ويخونه قلمه، حتى ينقل عن الام نقلا غير صحيح، ينتهي به إلى أن يرمي الشافعي نفسه بالكذب! ! فيزعم في كتابه أن عبارة " أخبرنا " لا تدل على السماع في الرواية، وأن الاخبار معناه أحيانا النقل والرأي، ثم ينقل عن الام أن الشافعي قال في (ج 1 ص 117) " أخبرنا هشيم " ويقول:
" إن الشافعي لم يلق هشيما، فقد توفي هشيم ببغداد سنة 183 والشافعي إنما دخل إلى بغداد سنة 195 ".
وأصل هذا الاستدراك للسراج البلقيني، وهو مذكور بحاشية الام، ولكن تعليقا، وذلك أن يروي الرجل عمن لم يلقه من الشيوخ شيئا فيذكر اسمه فقط على تقدير " قال "، أو يقول صريحا " قال فلان ".
وليس بهذا بأس، بل هو أمر معروف مشهور، ولا مطعن على الراوي به.
ولذلك بين البلقيني الامر، فان لكلامه بقية حذفها الدكتور، وهي: " فلسكونه لم يسمع منه يقول بالتعليق: هشيم، يعني: قال هشيم ".
ولكن الدكتور زكي مبارك فاته معنى هذا عند علماء المصطلح، فحذفه.
ثم زاد فيما نقل عن الشافعي كلمة " أخبرنا " ليؤيد بها رأيه الذي اندفع في الاحتجاج له.
* فائدة: أخطأ السراج البلقيني في هذا الموضع، في إيهامه أن الشافعي لم يدخل بغداد إلا سنة 195 لانه ثبت أنه دخلها سنة 184 وسمع من محمد بن الحسن كثيرا من العلم.
كما أخطأ أيضا في حاشية أخرى كتبها بعد هذا الموضع (الام 1: 118) عند قول الشافعي " أخبرنا ابن مهدي " قال: " هكذا وقع في نسخة الام أن الشافعي يقول: أخبرنا ابن مهدي، والشافعي لم يجتمع بابن مهدي ".
ووجه الخطأ أن الشافعي وابن مهدي تعاصرا، وكلاهما دخل بغداد، والغالب أن ابن المهدي كان يدخل الحجاز، والمعروف البديهي عند علماء الحديث أن الراوي العدل إذا قال " حدثنا " أو " أخبرنا " كان الحديث متصلا، وأنه إذا قال " عن فلان " لمن ثبت لقاؤه إياه ولو مرة واحدة حمل على الاتصال أيضا، لا يخالف أحد منهم في ذلك.
(انظر الرسالة رقم 1032) وإنما اختلفوا فيمن يقول " عن فلان " لشخص عاصره ولم يثبت أنه لقيه ولو مرة، فالبخاري لا يحمله على الاتصال، ومسلم وأكثر أهل العلم يجعلونه متصلا أيضا، وهو الراجح الصحيح.
ولا يخالف أحد من العلماء في أن الرواي الذي يقول " حدثنا " أو " أخبرنا " لما لم يسمع فانما هو كذاب وضاع، فالشافعي الصادق الامين إذا قال " أخبرنا ابن مهدي " فقد أخبره، لا يجوز فيه غير هذا.
و (كتاب الرسالة) ألفه الشافعي مرتين.
ولذلك يعده العلماء في فهرس مؤلفاته كتابين: الرسالة القديمة، والرسالة الجديدة.
أما الرسالة القديمة فالراجح