قال: فما حجتكم في ترك قولنا نحجُبُ بالجد الإخوة؟

قلت: بُعدُ قولكم من القياس.

قال: فما كنا نراه إلا بالقياس نفسه؟

قلت: أرأيت الجدَّ والأخَ؟ أيُدلي واحد منهما بقرابة نفسه، أم بقرابة غيره؟

قال: وما تعني؟

قلت: أليس إنما يقول الجد: أنا أبو أبي الميت؟! ويقول الأخ: أنا ابن أبي الميت؟!

قال: بلى.

قلت: وكلاهما يُدلي بقرابة الأب بقدْر موقعه منها؟

قال: نعم.

-[595]- قلت: فاجعلِ الأب الميت، وتَرَكَ ابنه وأباه، كيف ميراثهما منه؟

قال: لابنه خمسةُ أسداس، ولأبيه السدسُ

قلت: فإذا كان الابن أولى بكثرة الميراث من الأب، وكان الأخُ من الأب الذي يُدلي الأخُ بقرابته، والجدُّ أبو الأب من الأب الذي يُدلي بقرابته كما وصفتَ: كيف حجبتَ الأخ بالجد؟! ولو كان أحدهما يكون محجوباً بالآخر انْبَغَى أن ُيحجب الجد بالأخ، لأنه أولاهما بكثرة ميراث الذي يُدليان معاً بقرابته، أو ُتجعلَ للأخ خمسةَ أسداس، وللجد سدسًٌ.

قال: فما منعك من هذا القول؟

قلت: كلُّ المختلفين مجتمعون على أن الجد مع -[596]- الأخ مثلُه أو أكثر حظاً منه، فلم يكن لي عندي خلافُهم، ولا الذهابُ إلى القياس، والقياسُ مخرِج من جميع أقاويلهم.

وذهبتُ إلى اثبات الإخوة مع الجد، أَولى الأمرين، لما وصفتُ من الدلائل التي أوجدنيها القياسُ

مع أن ما ذهبتُ إليه قولُ الأكثر من أهل الفقه بالبلدان قديماً وحديثاً.

مع أن ميراث الإخوة ثابت في الكتاب، ولا ميراث للجد في الكتاب، وميراث الإخوة أَثبتُ في السنة من ميراث الجد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015